|
| الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة | |
| | |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة الجمعة فبراير 11, 2011 11:55 pm | |
| | |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| | | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| | | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| | | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| | | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة الجمعة فبراير 11, 2011 11:57 pm | |
| القمر كان مشتعلاً ثم انطفأ آيات الإعجاز:قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12].التفسير اللغوي: قال ابن منظور في لسان العرب:- آية: الآية: العلامة، وقال ابن حمزة، الآية من القرآن كأنها العلامة التي يُفضى منها إلى غيرها.فهم المفسرين:لقد استنبط الصحابة الكرام منذ أربعة عشر قرناً أن كوكب القمر كان يشعّ نوراً ثم أذهب الله ضوءه وأزاله، وذلك من خلال تفسيرهم لقوله تعالى في سورة الإسراء: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}، فقد روى الإمام ابن كثير في تفسيره أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال في تأويله للآية: "كان القمر يضيء كما تضيء الشمس، وهو آية الليل، فمحي، فالسواد الذي في القمر أثر ذلك المحو" )روح المعاني للألوسي(: [15/26].حقائق علمية:- اكتشف علماء الفلك بعد صعود الإنسان إلى القمر وبواسطة الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية أن كوكب القمر كان في القديم كوكباً مشتعلاً لكنه انطفأ وذهب ضوؤه.التفسير العلمي:يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة} [الإسراء: 12].تشير الآية القرآنية الكريمة إلى حقيقة علمية لم تظهر إلا في القرن العشرين، وهي أن القمر كان في القديم كوكباً مشتعلاً ثم أطفأ الله تعالى نوره، ودلالة القرآن على هذا واضحة كما قال سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "كان القمر يضيء كما تضيء الشمس، وهو آية الليل، فمحي، فالسواد الذي في القمر أثر ذلك المحو".هذا القول هو لصحابي جليل استنبطه من القرآن الكريم منذ ألف وأربعمائة سنة، فماذا يقول علماء الفلك في هذا الموضوع؟لقد كشف علم الفلك أخيراً أن القمر كان مشتعلاً في القديم ثم مُحيَ ضوءه وانطفأ.فقد أظهرت المراصد المتطورة والأقمار الاصطناعية الأولى صوراً تفصيلية للقمر، وتبيّن من خلالها وجود فوهات لبراكين ومرتفعات وأحواض منخفضة.ولم يتيسّر للعلماء معرفة طبيعة هذا القمر تماماً حتى وطىء رائد الفضاء الأميركي "نيل آرمسترونغ" سطحه عام 1969 م. ثم بواسطة وسائل النظر الفلكية الدقيقة، والدراسات الجيولوجية على سطحه، وبعد أن تم تحليل تربته استطاع علماء الفضاء القول كما جاء في وكالة الفضاء الأميركية “Nasa”:بأن القمر قد تشكل منذ 4.6 مليون سنة وخلال تشكله تعرض لاصطدامات كبيرة وهائلة مع الشهب والنيازك، وبفعل درجات الحرارة الهائلة تم انصهار حاد في طبقاته مما أدى إلى تشكيل الأحواض التي تدعى ماريا “Maria” وقمم وفوهات تدعى كرايترز “Craters” والتي قامت بدورها بإطلاق الحمم البركانية الهائلة فملأت أحواضه في تلك الفترة. ثم برد القمر، فتوقفت براكينه وانطفأت حممه، وبذلك انطفأ القمر وطمس بعد أن كان مشتعلاً.وإذا عدنا إلى الآية القرآنية فإننا نلاحظ استعمال لفظ "محونا" والمحوُ عند اللغويين هو الطمس والإزالة، والمعنى أن الله تعالى أزال وطمس ضوء القمر، والمحْوُ المقصود ليس إزالة كوكب القمر، فهو لا يزال موجوداً ولكن إزالة نوره وضوئه، وهذا واضح من العبارة القرآنية "آية الليل" وهي القمر و"آية النهار" وهي الشمس. والطمس يكون للنور ولذلك قال تعالى: {وجعلنا آية النهار مبصرة}، فجاء بكلمة مبصرة وهي وجه المقارنة لتدل على أن المقارنة هي بين نور آية الليل (القمر) ونور آية النهار (الشمس)، فالأول انطفأ والأخرى بقيت مضيئة نبصر من خلالها.فيا ترى من بلّغ محمداً صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة والتي تحتاج للمركبات الفضائية والأقمار الاصطناعية والتحاليل الجيولوجية والتي لم يمضِ على اكتشافها سوى عشرات السنين؟فسبحان العليم الحكيم الذي قال: {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.المراجع العلمية:ذكرت وكالة الفضاء الأميركية:"إن القمر حالياً لديه نشاط زلزالي طفيف وتدفق قليل للحرارة مما يوحي أن معظم النشاط الداخلي للقمر قد انقطع منذ زمن بعيد.ومن المعلوم أن القمر منذ بلايين السنين خضع لتوقد شديد، نتج عنه تمايز القشرة، تبع ذلك خضوعه لتدفقات من الحمم البركانية.وما إن تقلص هيجان الحمم في الأحواض العظيمة، حتى توقفت بوضوح مصادر الاتقاء عند القمر.ومن بلايين السنين القليلة والأخيرة من تاريخه أمضى القمر هادئاً وبشكل أساسي غير نشط جيولوجياً باستثناء تتابع انهمار الصدمات عليه (من الشهب والنيازك).يعتقد العلماء الآن أن القمر هو نتيجةً للتصادم بين الأرض القديمة وبين كوكب أصغر سبقها قدماً، منذ 4.6 بليون سنة مضت، والتصادم العظيم نشر مواد متبخرة على شكل قرص أخذت تدور حول الأرض، لاحقاً برد هذا البخار وتقلّص إلى قطرات، والتي تخثرت بدورها نحو القمر.كما ذكرت:منذ حوالي 4 بليون سنة، سلسلة من الاصطدامات الرئيسية حصلت وكوّنت فجوات ضخمة، هذه الفجوات الآن هي أماكن الأحواض التي تدعى "ماريا" (مثل حوض "إمبريوم" و "سيرينيتاتس")، وفي فترة بين أربعة إلى 2.5 بليون سنة مضت، كان النشاط البركاني قد ملأ هذه الأحواض بالحمم البركانية السوداء والتي تدعى "بازلت". بعد فترة الهيجان البركاني برد القمر وأصبح غير نشط نسبياً باستثناء بعض المناسبات من الضربات النيزكية والمذنبية".وجه الإعجاز:وجه الإعجاز في الآية القرآنية الكريمة هو إشارتها إلى أن القمر كان له نور وضوء ثم انمحى وطمس فصار مظلماً، فقال تعالى: {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ} أي القمر، وهو ما كشفت عنه صور الأقمار الصناعية والدراسات والتحاليل الجيولوجية لسطح القمر في القرن العشرين __________________ | |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة الجمعة فبراير 11, 2011 11:57 pm | |
| الضغط الجوي
آيات الإعجاز:
قال الله عز وجل: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: 125].
التفسير اللغوي:
الحرج: المتحرّج: الكافّ عن الإثم. الحرج: أضيق الضيق. قال ابن الأثير: الحرج في الأصل: الضيق. رجل حرج وحرِجٌ: ضيّق الصدر. وحِرجَ صدرُه يحرج حرجاً، ضاق فلم ينشرح لخير.
حقائق علمية:
كلما ارتفع الإنسان في السماء انخفض الضغط الجوي وقلّت كمية الأكسجين مما يتسبب في حدوث ضيق في الصدر وصعوبة في التنفس.
التفسير العلمي:
يقول الله عز وجل في كتابه المبين :{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}. [ الأنعام: 125].
آية محكمة تشير بكل وضوح وصراحة إلى حقيقتين كشف عنهما العلم.
الأولى: أن التغير الهائل في ضغط الجو الذي يحدث عند التصاعد السريع في السماء، يسبب للإنسان ضيقاً في الصدر وحرجاً.
الثانية: أنه كلما ارتفع الإنسان في السماء انخفض ضغط الهواء وقلت بالتالي كمية الأوكسجين، مما يؤدي إلى ضيق في الصدر وصعوبة في التنفس. ففي عام 1648 م أثبت العالم المشهور بليز باسكال ( Blaise Pascal ) أن ضغط الهواء يقل كلما ارتفعنا عن مستوى سطح البحر.
جاء في الموسوعة العالمية ما ترجمته : إن الكتلة العظيمة للجو غير موزعة بشكل متساوٍ بالاتجاه العامودي، بحيث تتجمع خمسون بالمئة من كتلة الجو (50 %) مـا بين سطح الأرض وارتفـاع عشريـن ألف قدم (20.000 ft) فوق مستوى البحر، وتسعون بالمئة (90 %) ما بين سطح الأرض وارتفاع خمسين ألف قدم (50,000 ft) عن سطح الأرض.
وعليه: فإن الكثافة ( Density ) تتناقص بسرعة شديدة كلما ارتفعنا بشكل عامودي، حتى إذا بلغنا ارتفاعات جد عالية، وصلت كثافة الهواء إلى حد قليل جداً. كما جاء في المرجع نفسه ما ترجمته: جميع المخلوقات الحية تحتاج إلى الأوكسجين، ما عدا المخلوقات البسيطة المكونة من خلية واحدة (one celled organism).
وعلى سبيل المثال الإنسان -عادة- لا بد أن يتنفس الأوكسجين، ليبقى حياً ومحافظاً على مستوى معين من الضغط. فوجود الإنسان على ارتفاع دون عشرة آلاف قدم (10,000 ft) فوق مستوى البحر لا يسبب له أية مشكلة جدية بالنسبة للتنفس. ولكـن إذا وجـد على ارتفاع ما بين عشـرة آلاف وخمس وعشرين ألف قـدم (10,000 - 25,000 ft) سيكون التنفس في مثـل هذا الارتفـاع ممكنـاً، حيث يستطيع الجهـاز التنفسي للإنسـان (respiratory system) أن يتأقلم بصعوبـة وبكثير من الضيق. وعلى ارتفاع أعلـى لن يستطيع الإنسان أن يتنفس مطلقاً مما يؤدي -في العادة- إلى الموت بسبب قلة الأوكسجين ((Oxygen Starvation.
وجاء في الموسوعة الأميركية ما ترجمته : " يجب على الطائرة إذا كانت على علو شديد الارتفاع، أن تحافظ على مستوى معين من الضغط الداخلي لحماية الركاب، فإن الضغط الجوي في تلك الارتفاعات يكون أدنى بكثير من الحد المطلوب لتأمين الأوكسجين الكافي لبقاء الركاب على قيد الحياة. كما أن التغير السريع في الضغط الجوي الناتج عن تغير الارتفاع يؤدي إلى انزعاج جسدي حاد. هذه الحالة سببها ارتفاع نسبة النيتروجين في الدم عند الانخفاض السريع في الضغط ". هذا، ومن المسلم به أن الإنسان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على أية معرفة بتغير الضغط وقلته كلما ارتفع في الفضاء، وأن ذلك يؤدي إلى ضيق في التنفس، بل إلى تفجير الشرايين عند ارتفاعات شاهقة.
ومع ذلك، فإن الآية الكريمة : {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}. [الأنعام: 125] تشير صراحة إلى أن صدر الإنسان يضيق إذا تصاعد في السماء وأن هذا الضيق يشتد كلما ازداد الإنسان في الارتفاع إلى أن يصل إلى أشد الضيق، وهو معنى " الحرج " في الآية، كما فسره علماء اللغة. ولقد عبّرت الآية عن هذا المعنى بأبلغ تعبير في قوله تعالى: {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ} إذ إن أصلها "يتصعدُ " قلبت التاء صادا ثم أدغمت في الصاد، فصارت يْصّعدْ ومعناه أنه يفعل صعودا بعد صعود. فالآية لم تتكلم عن مجرد الضيق الذي يلاقيه في الجو، المتصاعد في السماء فقط، وإنما تكلمت أيضاً عن ازدياد هذا الضيق إلى أن يبلغ أشده. فسبحان من جعل سماع آياته لقوم سبب تحيرهم، ولآخرين موجب تبصرهم. وسبحان من أعجز بفصاحة كتابه البلغاء، وأعيى بدقائق خطابه الحكماء، وأدهش بلطائف إشاراته الألباء.
وسبحان من أنزل على عبده الأُمِّيّ : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].
مراجع علمية:
جاء في الموسوعة العالمية ما ترجمته : إن الكتلة العظيمة للجو غير موزعة بشكل متساو بالاتجاه العامودي، بحيث تتجمع خمسون بالمئة من كتلة الجو ( %50 ) ما بين سطح الأرض وارتفاع عشرين ألف قدم (20.000 ft) فوق مستوى البحر، وتسعون بالمئة (90%) ما بين سطح الأرض وارتفاع خمسين ألف قدم (50.000 ft) عن سطح الأرض. وعليه: فإن الكثافة (Density) تتناقص بسرعة شديدة كلما ارتفعنا بشكل عامودي، حتى إذا بلغنا ارتفاعات جد عالية، وصلت كثافة الهواء إلى حد قليل جداً. كما جاء في المرجع نفسه ما ترجمته: جميع المخلوقات الحية تحتاج إلى الأوكسجين، ما عدا المخلوقات البسيطة المكونة من خلية واحدة (one celled organism).
وعلى سبيل المثال : الإنسان - عادة - لا بد أن يتنفس الأوكسجين، ليبقى حياً ومحافظاً على مستوى معين من الضغط. فوجود الإنسان على ارتفاع دون العشرة آلاف قدم (10.000 ft) فوق مستوى البحر لا يسبب له أية مشكلة جدية بالنسبة للتنفس.ولكن إذا وجد على ارتفاع ما بين عشرة آلاف وخمس وعشرين ألف قدم (10.000 - 25.000 ft) سيكون التنفس في هكذا ارتفاع ممكنا، حيث يستطيع الجهاز التنفسي للإنسان (respiratory system) أن يتأقلم بصعوبة وبكثير من الضيق. وعلى ارتفاع أكثر لن يستطيع الإنسان أن يتنفس مطلقاً مما يؤدي - في العادة - إلى الموت بسبب قلة الأوكسجين (Oxygen starvation).
وجاء في الموسوعة الأميركية ما ترجمته : " يجب على الطائرة إذا كانت على علو شديد الارتفاع، أن تحافظ على مستوى معين من الضغط الداخلي لحماية الركاب، فإن الضغط الجوي في تلك الارتفاعات يكون أدنى بكثير من الحد المطلوب لتأمين الأوكسجين الكافي لبقاء الركاب على قيد الحياة. كما أن التغير السريع في الضغط الجوي الناتج عن تغير الإرتفاع يؤدي إلى انزعاج جسدي حاد. هذه الحالة سببها ارتفاع نسبة النيتروجين في الدم عند الانخفاض السريع في الضغط ".وجه الإعجاز:وجه الإعجاز في الآية القرآنية هو دلالة لفظ "يصّعّد" على أن الارتفاع في السماء يسبب ضيقاً في التنفس وهو ما كشفت عنه دراسات علم الفلك في عصرنا. __________________ | |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| | | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| | | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة الجمعة فبراير 11, 2011 11:58 pm | |
| الخسوف والكسوف
عن المغيرة بن شعبة قال : كُسِفَت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم مات إبراهيم فقال الناس : كسفت الشمس لموت إبراهيم ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنَّ الشمس و القمر لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياته فإذا رأيتم فصَلُّوا و ادعوا الله " . و في رواية عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : " إن الشمس و القمر لا يُخسفان لموت أحد و لا لحياته ، و لكنهما آيتان من آيات الله ، فإذا رأيتموهما فصلوا " . صحيح البخاري في الكسوف 1042 - 1043 قوله : " لموت أحد " في رواية : سبب هذا القول و لفظه و ذلك أن ابناً للنبي صلى الله عليه و سلم يقال له إبراهيم مات فقال الناس في ذلك . و لأحمد و النسائي و ابن ماجة عن النعمان بن بشير قال : انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرج فزعاً يجر ثوبه حتى أتى المسجد ، فلم يزل يصلي حتى انجلت ، فلما انجلت قال : " إن الناس يزعمون أن الشمس و القمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم من العظماء و ليس كذلك " . و في هذا الحديث إبطال ما كان أهل الجاهلية يعتقدون من تأثير الكواكب في الأرض ، قال الخطابي : كانوا في الجاهلية يعتقدون أن الكسوف يوجب حدوث تغير في الأرض من موت أو ضرر ، فأعلم النبي صلى الله عليه و سلم أنه اعتقاد باطل ، و أن الشمس و القمر خَلقان مُسخَّران لله ليس لهما سلطان في غيرهما و لا قدرة على الدفع عن أنفسهما [ فتح الباري : 2 / 528 ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم
| |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة الجمعة فبراير 11, 2011 11:59 pm | |
| وفي السماء رزقكم وما توعدون بقلم الدكتور:زغـلول النجـار
يستهل ربنا( تبارك وتعالي) سورة الذاريات بقسم عظيم بأربع من آيات الله في الكون ــ والله تعالي غني عن القسم لعباده ــ بأن وعده لصادق, وأن الدين الإسلامي الذي أنزله علي فترة من الرسل, والذي أتمه وأكمله في بعثة خاتم أنبيائه ورسله صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين لحق واقع....!!! ثم يكرر ربنا( سبحانه وتعالي) القسم بالسماء ذات الحبك علي أن الناس مختلفون في أمر يوم الدين بين مكذب ومصدق, وتستعرض الآيات حال كل من المجموعتين في هذا اليوم العصيب, ثم تعود إلي الاستدلال بآيات الله في كل من الأرض والأنفس والآفاق ومنها قول الحق( تبارك وتعالي): وفي السماء رزقكم وما توعدون ثم يأتي القسم الحاسم الجازم برب السماء والأرض ان هذا كله حق, كما ينطق المنكرون في هذه الحياة الدنيا, وهم يدركون حقيقة ما ينطقون, فلا يجوز لهم أن يشكوا فيه أو أن ينكروه كما لا يشكون في نطقهم الذي ينطقون...!! وبعد ذلك تتحرك بنا السورة إلي عرض شيء من الوقائع التاريخية من قبيل ضرب المثل, واستخلاص العبر, والدعوة إلي إخلاص العبادة لله وحده( بغير شريك ولا شبيه ولامنازع), وذلك من مثل قصص سيدنا إبراهيم( عليه السلام) مع ضيفه وقومه, وسيدنا لوط( عليه السلام) وما حاق بقومه من عذاب, وسيدنا موسي( عليه السلام) وفرعونه الذي أغرقه الله( تعالي) وجنده في اليم, وقوم عاد وطمرهم بالرمال السافية, وقوم ثمود الذن دمروا بالصاعقة, وقوم نوح( عليه السلام) الذين أغرقوا بالطوفان لفسقهم...!! وتعاود السورة الكريمة القسم بالسماء وتوسيع الله المستمر لها, وبالأرض وفرشها وتمهيدها, وخلق كل شيء من زوجين تأكيدا لوحدانية الله( تعالي) المطلقة فوق جميع خلقه..!!! ثم تعرج بنا السورة إلي حقيقة أن كل رسول جاء بالحق من رب العالمين قد اتهمه الكفار من قومه بالسحر أو بالجنون ظلما وطغيانا من عند أنفسهم, وفي ذلك مواساة من رب العباد الذي يطالب خاتم أنبيائه ورسله بالاستمرار في التذكير بالله, والدعوة إلي دينه الحق علي الرغم من كل ذلك, لعل الذكري تنفع المؤمنين. والهدف من هذا الاستعراض المكثف لآيات الله في الكون, والاستعراض الخاطف لقصص عدد من الأمم البائدة هو وصل العباد بخالقهم, وربط قلوبهم بعوالم الغيب, كما يصفها خالق الكون ومبدع الوجود لا كما تتصورها أوهام الغافلين الضالين من الكفار والمشركين. والذي يرتبط قلبه بخالقه, ويؤمن بالغيب, كما أنزله في محكم كتابه, وسنة نبيه, تخطي الدنيا الي الاخرة, دون أن يهمل واجباته في الحياة, ودون أن تشغله التكاليف المادية لهذه الحياة عن إخلاص العبادة لله, وفي مقدمة تلك التكاليف الجري علي المعايش لكسب الرزق الحلال, والذي قد يتخيل البعض أنه يمكن أن يشغل الإنسان عن رسالته الحقيقية في هذه الحياة والتي تتلخص في: عبادة الله( تعالي) بما امر, وحسن القيام بواجب الاستخلاف في الأرض, وهما وجهان لعملة واحدة تمثل رسالة كل من الجن والإنس في هذه الحياة, والتي لخصها ربنا( تبارك وتعالي) في السورة نفسها بقوله( عز من قائل): وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون* ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون* إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين*. (الذاريات:56 ــ58). هذا وقد تباينت آراء المفسرين في قول الحق( تبارك وتعالي) وفي السماء رزقكم وما توعدون*. بين قائل بالمطر, وقائل بالقرار الإلهي في تقسيم الرزق وتوزيعه بين العباد, وقائل بالثواب والعقاب أو بالجنة والنار, أو بها جميعا ولكن الدراسات الكونية الحديثة قد اضافت بعدا جديدا, فأكدت أن جميع ما يحتاجه الإنسان والحيوان والنبات من الماء, ومن مختلف صور المادة والطاقة إنما ينزل إلي الأرض من السماء بتقدير من الرزاق الحكيم العليم الذي ينزله بقدر معلوم لقوله( عز من قائل): ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن: ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير*( الشوري:27) ولقوله( سبحانه)! وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم*.( الحجر:21) رزق السماء في اللغة العربية
(الرزق) في اللغة العربية هو ما ينتفع به من النعم, والجمع( أرزاق), و(الرزق) أيضا هو العطاء الجاري دنيويا كان أم أخرويا, وهو كذلك النصيب المقسوم للإنسان فيصل إلي يده سواء كان مما يصل إلي الجوف ويتغذي به,أو يكتسي ويتزين به, أو يتجمل به من مثل الخلق الحسن والعلم النافع يقال رزقه) الله( يرزقه)( رزقا) بكسر الراء,( والمصدر الحقيقي فتح الراء), والإسم يوضع موضع المصدر, و(ارتزق) بمعني أخذ( رزقه), و(الرزقة) ما يعطي دفعة واحدة, وقد تأتي لفظة( الرزق) بمعني( شكر الرزق) من مثل قوله( تعالي): وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون( الواقعة:82) أي تجعلون نصيبكم من النعمة أو شكركم عليها أنكم تكذبون رسالات ربكم. ويقال رجل( مرزوق) أي مجدود( محظوظ), وقد يعتبر كل من المال والولد والجاه والعلم من( الرزق), كما قد يسمي المطر( رزقا), ويمكن أن يحمل( الرزق) علي العموم فيما يؤكل ويلبس ويستعمل, وكل ما يخرج من الأرض أو ينزل من السماء, و(الرازق) هو الله تعالي خالق( الرزق) ومعطيه, ومسببه, وموزعه بالقسط, وإن كانت هذه الصفة يمكن أن تستخدم للبشر, أما( الرزاق) فهو اسم من أسماء الله الحسني وصفة من صفاته العليا لا يوصف بها غيره( سبحانه وتعالي). وعن( السماء) فهي اسم مشتق من( السمو) بمعني الارتفاع والعلو, تقول سما),( يسمو)( سموا) فهو( سام) بمعني علا, يعلو علوا, فهو عال, أي مرتفع, وذلك لأن السين والميم والواو أصل يدل علي الارتفاع والعلو, يقال سموت) و(سميت) بمعني علوت وعليت للتنويه بالرفعة والعلو, وعلي ذلك فإن سماء كل شيء أعلاه, ولذلك قيل لسقف البيت سماء لارتفاعه, وقيل للسحاب سماء لعلوه, واستعير اللفظ للمطر بسبب نزوله من السماء, وللعشب لارتباط منبته بنزول ماء السماء, ومن هنا قيل كل ما علاك فأظلك فهو سماء). ولفظة( السماء) في العربية تذكر وتؤنث( وإن كان تذكيرها يعتبر شاذا), وجمعها( سماوات), وهناك صيغ أخري لجمعها ولكنها غريبة. رزق السماء في القرآن الكريم ورد الفعل( رزق) بمشتقاته في كتاب الله مائة وثلاثا وعشرين(123) مرة, تنسب الرزق إلي الله تعالي, وإن كان بعضها يشير إلي إمكانية أن يرزق الإنسان غيره من البشر أو يتصدق علي الحيوان, ومنها ما يشير إلي الرزق بمعني ما يطعم وما يشرب, أو بمعني المال, أو العلم, أو الجاه والسلطان, أو الأولاد والبنات والزوجات الصالحات. أو ما تنتجه الأرض من ثمار, أو ما يرزق الله من بهيمة الأنعام, أو من المطرأو من غير ذلك من الثروات الأرضية منها والسماوية, أو من الأرزاق الاخروية من مثل رزق الشهداء عند ربهم, ورزق أهل الجنة في الجنة, وفي ذلك يقول ربنا( تبارك وتعالي): ويعيدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون* ( النحل:73) أي ويعبدون من دون الله من هم ليسوا بسبب في رزق بوجه من الوجوه لا من السماء ولا من الأرض لأنهم لا يستطيعون ذلك أبدا. وفي عطاء كل من الشهداء وغيرهم من أهل الجنة يقول الحق( تبارك وتعالي): ولا تحسين الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون* (آل عمران:169) أي يفيض الله( تعالي) عليهم من نعمه الأخروية, وذلك من مثل قوله( تعالي): .... ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا*( مريم:62) وتؤكد الآيات القرآنية العديدة أن( الرازق) هو الله( تعالي) لأنه خالق الرزق, ومسببه, ومعطيه, وموزعه بعلمه وحكمته, وقد يستخدم الوصف مجازا للإنسان الذي يكون سببا في وصول الرزق إلي يد غيره, أما( الرزاق) فهو من أسماء الله الحسني, ووصف لا يليق إلا بجلال الله( تعالي), ولا يجوز أن يقال لغيره( سبحانه وتعالي), وفي ذلك يقول الحق( تبارك وتعالي): إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين* (الذاريات:58) ويقول( عز من قائل): .... ولله خزائن السماوات والأرض...*( المنافقون:7) ويقول( سبحانه): قل من يرزقكم من السماء والأرض....* (يونس:31) ويعتب ربنا( تبارك وتعالي) علي الذين ينعمون في رزقه ويكفرونه أو يشركون به غيره فيقول( عز من قائل): أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون*( الطور:37) أما عن لفظة( السماء) فقد وردت في القرآن الكريم في ثلاثمائة وعشرة مواضع, منها مائة وعشرون بالإفراد( السماء), ومائة وتسعون بالجمع( السماوات). والسماء ترد في القرآن الكريم بمعني الغلاف الغازي للأرض بسحبه ورياحه وكسفه, كما ترد بمعني السماء الدنيا التي قد زينها ربنا( تبارك وتعالي) بزينة الكواكب والنجوم والبروج, كما ترد بمعني السماوات السبع. كذلك جاءت الإشارة القرآنية إلي السماوات والأرض وما بينهما في عشرين موضعا من كتاب الله, ويبدو أن المقصود بذلك هو أيضا الغلاف الغازي للأرض بصفة عامة, والجزء الأسفل منه ــ بصفة خاصة ــ وذلك لقول الحق( تبارك وتعالي): ... والسحاب المسخر بين السماء والأرض.....* (البقرة:164) والسحاب يتحرك في نطاق المناخ الذي يحوي أغلب مادة الغلاف الغازي(75% بالكتلة), والقرآن الكريم يشير في أكثر من موقع إلي انزال الماء من السماء, وواضح الأمر أن المقصود بالسماء هنا هو السحاب أو النطاق المحتوي علي السحاب, والمعروف علميا بنطاق التغيرات الجوية, والذي يقول فيه ربنا( تبارك وتعالي): (1) الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وأنتم تعلمون*( البقرة:22) (2)...... وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها, وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون*( البقرة:164) (3) وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء..*( الأنعام:99) (4)... وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به....*( الأنفال:11) (5) إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء...*( يونس:24) (6) وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي...*( هود:44) (7)... يرسل السماء عليكم مدرارا...* ( هود:52) والآيات القرآنية بهذا المعني أكثر من أن تحصي في هذا المقام, وكذلك الآيات التي تشير إلي السماء الدنيا وزينتها, وتلك التي تلمح إلي السماوات العلا. آراء المفسرين في تفسير قول الحق( تبارك وتعالي): وفي السماء رزقكم وما توعدون* ذكر ابن كثير( يرحمه الله) ما نصه: وفي السماء رزقكم, يعني المطر,( وما توعدون) يعني الجنة, قاله ابن عباس ومجاهد وغير واحد. وذكر صاحبا الجلالين( يرحمهما الله) وفي السماء رزقكم) أي المطر المسبب عنه النبات الذي هو رزق,( وما توعدون) من الماء والثواب والعقاب أي: مكتوب ذلك في السماء). وذكر صاحب الظلال( يرحمه الله) ما نصه:.. وهي لفتة عجيبة, فمع أن أسباب الرزق الظاهرة قائمة في الأرض, حيث يكد فيها الإنسان ويجهد, وينتظر من ورائها الرزق والنصيب, فإن القرآن يرد بصر الإنسان ونفسه إلي السماء, إلي الغيب, إلي الله, ليتطلع هناك إلي الرزق المقسوم والحظ المرسوم, أما الأرض وما فيها من أسباب الرزق الظاهرة, فهي آيات للموقنين, آيات ترد القلب إلي الله ليتطلع إلي الرزق من فضله, وتتخلص من أثقال الأرض وأوهام الحرص, والأسباب الظاهرة للرزق, فلا يدعها تحول بينه وبين التطلع إلي المصدر الأول الذي أنشأ هذه الأسباب. والقلب المؤمن يدرك هذه اللفتة علي حقيقتها, ويفهمها علي وضعها, ويعرف أن المقصود بها ليس هو إهمال الأرض وأسبابها, فهو مكلف بالخلافة فيها وتعميرها, إنما المقصود هو الا يعلق نفسه بها, والا يغفل عن الله في عمارتها, ليعمل في الأرض وهو يتطلع إلي السماء, وليأخذ بالأسباب, وهو يستيقن أنها ليست هي التي ترزقه, فرزقه مقدر في السماء, وما وعده الله لابد أن يكون. بذلك ينطلق قلبه من إسار الأسباب الظاهرة في الأرض, بل يرف بأجنحة من هذه الأسباب إلي ملكوت السماوات, حين يري في الأسباب آيات تدله علي خالق الأسباب, ويعيش موصولا قلبه بالسماء, وقدماه ثابتتان علي الأرض, فهكذا يريد الله لهذا الإنسان, هكذا يريد الله لذلك المخلوق الذي جبله من الطين, ونفخ فيه من روحه فإذا هو مفضل علي كثير من العالمين. والإيمان هو الوسيلة لتحقيق ذلك الوضع الذي يكون فيه الإنسان في أفضل حالاته, لأنه يكون حينئذ في الحالة التي أنشأه الله لها: فطرة الله التي فطر الناس عليها, قبل أن يتناولها الفساد والإنحراف. وبعد هذه اللمسات الثلاث في الأرض والنفس والسماء, يقسم الله سبحانه بذاته العلية علي صدق هذا الحديث كله فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون. وذكر مخلوف( يرحمه الله) وفي السماء رزقكم) أي سبب رزقكم وهو المطر, والسماء: السحاب,( وما توعدون) أي وفي السماء مكتوب ما توعدون به من الثواب والعقاب, والبعث والخير والشر. وذكر الصابوني( أمد الله في عمره): أي وفي السماء أسباب رزقكم ومعاشكم, وهو المطر الذي به حياة البلاد والعباد, وما توعدون به من الثواب والعقاب مكتوب كذلك في السماء; قال الصاوي: والآية قصد بها الامتنان والوعد والوعيد. وذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم( أثابهم الله): وفي السماء أمر رزقكم وتقدير ما توعدون. رزق السماء في العلوم الكونية من منظور العلوم الكونية يمكن فهم دلالات التعبير القرآني وفي السماء رزقكم وما توعدون. في الأطر التالية: أولا: في إطار فهم السماء بنطاق التغيرات الجوية: فإن رزق السماء يفهم علي أنه المطر الذي نرتوي به ونروي زروعنا منه, وهو غاز الاوكسجين الذي نتنفسه نحن وجميع الحيوانات, وثاني أكسيد الكربون الذي تتنفسه النباتات وغير ذلك من الغازات النافعة وهنا ينحصر مفهوم السماء بالنطاق الأسفل من نطق الغلاف الغازي للأرض والمعروف باسم نطاق التغيرات الجوية (Thetroposphere), ويمتد من سطح البحر إلي ارتفاع16 كيلو مترا فوق خط الاستواء, ويتناقص سمكه إلي نحو الكيلو مترات العشرة فوق قطبي الأرض, وإلي أقل من ذلك(7 ــ8 كيلو مترات) فوق خطوط العرض الوسطي, وعندما يتحرك الهواء من فوق خط الاستواء في اتجاه القطبين فإنه يهبط فوق هذا المنحني الوسطي, فتزداد سرعته, ويتحرك في اتجاه الشرق بسرعة فائقة تعرف باسم التيار النفاث (TheJetstream) وذلك بتأثير دوران الأرض حول محورها من الغرب إلي الشرق. وتنخفض درجة الحرارة في هذا النطاق مع الأرتفاع باستمرار حتي تصل إلي ستين درجة مئوية تحت الصفر في قمته, وذلك نظرا للابتعاد عن سطح الأرض الذي يمتص47% من أشعة الشمس فترتفع درجة حرارته ويعيد إشعاع تلك الحرارة علي هيئة أشعة تحت حمراء إلي الغلاف الغازي للأرض بمجرد غياب الشمس, ومن هنا تنخفض درجة حرارة نطاق الطقس مع الأرتفاع للبعد عن مصدر الدفء بالنسبة له ألا وهو سطح الأرض. ولولا هذا الانخفاض في درجات حرارة نطاق الطقس لفقدت الأرض مياهها بمجرد اندفاع أبخرة تلك المياه من فوهات البراكين في مرحلة دحو الأرض, ولاستحالت الحياة علي سطحها..!! ويغطي الماء أكثر قليلا من71% من المساحة الكلية للكرة الأرضية, وتقدر كميته بنحو1,36 مليار كيلو متر مكعب( منها97,2% في المحيطات والبحار,2,15% علي هيئة جليد فوق القطبين وحولهما وفوق قمم الجبال,0,65% في المجاري المائية المختلفة من الأنهار, والجداول وغيرها, وفي كل من البحيرات العذبة وخزانات المياه تحت سطح الأرض). وهذا الماء أخرجه ربنا( تبارك وتعالي) أصلا من داخل الأرض ولايزال يخرجه لنا عبر فوهات البراكين, علي هيئة بخار الماء الذي تكثف ولايزال يتكثف في الأجزاء العليا من نطاق التغيرات الجوية, والتي تتميز ببرودتها الشديدة, فعاد إلي الأرض, ولا يزال يعاود دورته بين الأرض والسماء ليجري أنهارا متدفقة, تفيض إلي منخفضات الأرض فتشكلها بحارا ومحيطات, وبحيرات ومستنقعات, وظلت دورة المياه بين الأرض والسماء آية من آيات الله في إبداع الخلق حفظت ماء الأرض من التعفن, ومن الضياع إلي طبقات الجو العليا, وعملت علي تفتيت الصخور, وتسوية سطح الأرض وتمهيده, وتكوين مختلف أنواع التربة, وتركيز العديد من المعادن والصخور الاقتصادية, وخزن المياه تحت السطحية, وكانت من أسس ازدهار الحياة علي الأرض بإذن الله. فماء الأرض يتبخر منه سنويا380,000 كيلو متر مكعب, ينتج أغلبها(320,000 كيلو متر مكعب) من بخر أسطح البحار والمحيطات, والباقي(60,000 كيلو متر مكعب) من سطح اليابسة, وهذا البخار تدفعه الرياح إلي الطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض حيث يتكثف في السحب ويعود إلي الأرض مطرا طهورا, أو ثلجا, أو بردا, وبدرجة أقل علي هيئة ندي أو ضباب في الأجزاء القريبة من سطح الأرض. وتجري مياه الأمطار علي الأرض في مختلف مجاري المياه لتصب في البحار والمحيطات, كما يترشح جزء منها خلال طبقات الأرض المنفذة ليكون المياه تحت السطحية ذات الحركات الدائبة حيث تشارك في تغذية بعض الأنهار والبحيرات والمستنقعات, وقد تخرج علي سطح الأرض علي هيئة ينابيع, أو ينتهي بها المطاف إلي البحار والمحيطات. وماء المطر يسقط علي البحار والمحيطات بمعدل سنوي يقدر بنحو284,000 كيلو متر مكعب وعلي اليابسة بمعدل سنوي يقدر بنحو96,000 كيلو متر مكعب, والرقم الأخير يزيد بمعدل36,000 كيلو متر مكعب عن معدل البخر من اليابسة, وهو الفرق نفسه بين معدل البخر من أسطح البحار والمحيطات, ومعدل سقوط الأمطار عليها, وتتم دورة المياه حول الأرض بصورة معجزة في كمالها ودقتها, لأنه لولاها لفسد كل ماء الأرض أو تعرض للضياع وترك كوكبنا الأرضي قاحلا, أجرد بلا حياة, تحرقه حرارة الشمس بالنهار, وتجمده برودة الليل كلما غابت الشمس. والماء ضرورة من ضرورات الحياة الأرضية, فبدونه لا يمكن لإنسان, ولا لحيوان, ولا لنبات أن يعيش, فجنين الإنسان يحتوي علي97% من وزنه ماء, وتقل هذه النسبة إلي91% في جسد الطفل الوليد, ثم إلي66% في جسد الفرد البالغ, وتختلف نسبة الماء في كل عضو من أعضاء جسد الإنسان باختلاف وظيفته, فهي في الرئتين90%, وفي الدم82%, وفي خلايا الدماغ70%; والإنسان يمكنه العيش أسابيع عديدة بدون طعام, ولكنه لا يستطيع العيش بدون ماء إلا لفترة محدودة جدا لا تتجاوز بضعة أيام.....!! وذلك لأن الماء يعين الإنسان علي القيام بجميع العمليات الحياتية في جسمه من مثل عمليات الهضم, والتخلص من الفضلات والتنفس وتجديد الدم,ويعين الحيوان في كل ذلك, كما يعين النبات علي الاستفادة بمركبات الأرض بامتصاصها من التربة والقيام بعملية التمثيل الضوئي, والنتح والتنفس. والماء هو المركب الوحيد المعروف لنا في الجزء المدرك من الكون, والذي يوجد في حالاته الثلاث: الصلبة, والسائلة والغازية, وللماء قدرة فائقة علي إذابة العديد من العناصر والمركبات مما جعل منه لازمة من لوازم الحياة, كما له العديد من الخصائص الفزيائية والكيميائية المميزة من مثل قطبيته( الناتجة من أن ذرة الاوكسجين فيه تحمل شحنه سالبة بينما تحمل ذرتا الايدروجين شحنة موجبة) وقدرته الفائقة علي الالتحام والتماسك والتلاصق تجعله أشد السوائل تلاصقا, وأشدها قدرة علي التوتر السطحي بعد الزئبق, وتبدو قدرة الماء الفائقة علي التوتر السطحي في ميله إلي التكور علي هيئة قطرات بدلا من الانتشار أفقيا علي السطح الذي يسكب عليه, كما تبدو في قدرة الماء الفائقة علي تسلق جدران الوعاء الذي يوضع فيه خاصة إذا كان قطر الوعاء صغيرا, وتعرف هذه الخاصية باسم الخاصية الشعرية, وبواسطتها تتحرك السوائل من مثل العصارات الغذائية وما بها من عناصر ومركبات مذابة في الماء من جذور النباتات الي فروعه وأوراقه وزهوره وثماره, وإلي قمته النامية, كما تتحرك الدماء والعصارات الغذائية المختلفة والفضلات في كل من الجهاز الهضمي والأوعية الدموية الدقيقة في أجساد كل من الإنسان والحيوان. وخواص الماء الحرارية خواص متميزة, فالحرارة النوعية للماء تقدر بعشرة أضعاف الحرارة النوعية للحديد, وبخمسة أضعاف الحرارة النوعية لرمال الشواطئ, وكذلك فإن معامل الحرارة الكامنة لكل من تبخر الماء السائل وانصهار الجليد الصلب مرتفعين ارتفاعا ملحوظا مما يعطي للماء مجالا واسعا في جميع العمليات الحياتية. وللماء منحني كثافة فريد ــ لا يشاركه فيه أي من السوائل الأخري ــ فعندما تصل درجة حرارة الماء إلي أربع درجات مئوية يصل إلي أقل حجم له وأعلي كثافة, ولكن اذا انخفضت درجة الحرارة دون ذلك فإن حجم الماء يتمدد وتقل كثافته, وهذا يفسر طفو الجليد علي سطح الماء في البحار والمحيطات, وعدم تجمد الماء أسفل منه مما يتيح فرصة عدم التجمد للكائنات البحرية العديدة التي تعيش في أعماق البحار, فالماء هذا السائل العجيب هو من أعظم صور رزق السماء لأن بدونه لا يمكن للحياة الأرضية أن تكون...!! وكذلك الهواء بما فيه من اوكسجين وثاني أكسيد الكربون وبخار الماء, وغير ذلك من الغازات المهمة وهباءات الغبار وكلها من ضرورات جعل الحياة علي الأرض ممكنة وممتعة. ثانيا: في إطار تفسير السماء بالسماء الدنيا: فإن رزق السماء هو كل صور المادة والطاقة المتولدة في داخل النجوم, من مثل شمسنا والتي تصل إلي الأرض بصور متعددة: فمن الثابت علميا أن النجوم قد تكونت ابتداء من الدخان الكوني الذي نشأ عن انفجار الجرم الابتدائي للكون, مما يؤكد علي وحدة البناء في الكون, وأنها لا تزال تتكون أمام انظار الفلكيين اليوم من دخان السدم, وفي داخل تلك الغيوم الكونية عبر مراحل من النجوم الابتدائية (Prosrars) وذلك بواسطة عدد من الدوامات العاتية التي تعرف باسم دوامات تركيز المادة, والتي تقوم بتكديس المادة وتكثيفها حتي تتجمع الظروف اللازمة لبدء عملية الاندماج النووي, وانطلاق الطاقة, وانبثاق الضوء فيتحول النجم الابتدائي إلي نجم عادي كشمسنا يعرف باسم( نجم التسلسل الرئيسي) وأغلب النجوم التي تتراءي لنا في صفحة السماء هي من هذا النوع لأن النجم يقضي90% من عمره في هذه المرحلة التي يعتبر فيها النجم فرنا كونيا تتخلق فيه العناصر من نوي ذرات الإيدروجين بعملية الاندماج النووي, وتتميز فترة( نجم النسق الرئيسي) بتعادل قوة الجذب إلي مركز النجم مع قوة دفع مكونات النجم إلي الخارج لتمدده بالحرارة الناتجة عن عملية الاندماج النووي, وبالعزم الزاوي الناتج عن دوراته حول محوره, ويبقي النجم في هذا الطور حتي ينفد وقوده من غازي الايدروجين والهليوم, ف يبدأ بالدخول في مراحل الشيخوخة بالانكدار ثم الخنوس والطمس حتي تنتهي حياة النجم بالانفجار وعودة مادته الي دخان السماء إما مباشرة عن طريق إنفجار العماليق الحمر أو العماليق العظام أو المستعرات العظيمة بمختلف نماذجها, أو بطرق غير مباشرة عبر مرحلة من مراحل وفاة النجوم الفائقة الكتل من مثل النجوم النيوترونية والنجوم الخانسة الكانسة( أو ما يعرف باسم الثقوب السود), والتي يعتقد العلماء بأنها تفقد مادتها بالتدريج إلي دخان السماء عبر مرحلة أشباه النجوم. وباتحاد نوي ذرات الإيدروجين في قلب النجم العادي تتكون نوي ذرات الهليوم, وباتحاد نوي ذرات العنصر الأخير تتكون نوي ذرات البريليوم, وهكذا يتسلسل تخلق العناصر المختلفة في داخل النجوم خاصة النجوم العملاقة أو في أثناء انفجارها, ويؤدي انفجار النجوم إلي عودة ما تكون بداخلها من عناصر إلي دخان السماء لكي يكون مادة لتخلق نجم جديد أو ليصل إلي بعض أجرام السماء في صورة من صور رزق السماء. ومن المشاهد أن عملية الاندماج النووي في داخل النجوم فائقة الكتلة من مثل العماليق والمستعرات العظام تستمر حتي يتحول قلب النجم بالكامل إلي حديد, فتستهلك طاقة النجم لأن ذرة الحديد هي أكثر الذرات تماسكا, وفي انفجار المستعرات العظام تصطدم نيوترونات دخان السماء بنوي الحديد المتطايرة من عملية الانفجار لتبني نوي ذرات أعلي كثافة مثل الفضة, والذهب, واليورانيوم, وغيرها, كما أن إهاب النجم المتفجر من المواد الاقل كثافة ينتقل أيضا إلي دخان السماء بأنفجار واشتعال شديدين وانبعاث موجات راديوية قوية. وتتكون المادة فيما بين النجوم من الغازات والغبار( أي الدخان) المكون من جزيئات وذرات وأيونات, ومن اللبنات الأساسية للمادة ويغلب علي تركيبه الايدروجين, والهليوم, والاوكسجين, والنيتروجين, والكربون, والنيون والصوديوم والبوتاسيوم وبعض العناصر الاثقل, وتقدر المادة بين نجوم مجرتنا ببضعة بلايين المرات قدر كتلة الشمس, وتصل كافة العناصر المتخلقة في الكون إلي الأرض عن طريق تساقط الشهب والنيازك, ويصل إلي الأرص يوميا بين الألف والعشرة آلاف طن من مادة الشهب والنيازك لتجدد إثراء الأرض بالعناصر المختلفة التي تمثل صورة من صور رزق السماء الذي يوزع علي الأرض بتقدير من العزيز الحكيم, ولم يكن لأحد ادراك بها من قبل. ومنذ فترة وجيزة أثبت العلماء أن نجما من نجوم السماء قد تحول إلي كتلة من الألماس تفوق كتلة الأرض عدة مرات, ومن قبيل الفكاهة يذكرون أن هذه الكتلة إذا انفجرت ونزلت إلي الأرض فإن تجارة الألماس سوف تكسد بالقطع. ويقدر ناتج الطاقة الكلية للشمس بنحو3,86*3310 سعر/ ثانية ويعتبر فيض الطاقة الشمسية الواصلة إلي الأرض أكبر من الطاقة التي تستقبلها الأرض من ألمع النجوم بعشرة مليارات ضعف, وأكبر من الطاقة التي تستقبلها الأرض من القمر وهو في طور البدر مليون مرة. وطاقة الشمس من رزق السماء, فبدونها تستحيل الحياة علي الأرض....!! ثالثا: في إطار تفسير السماء بالسماوات العلا فإن رزق السماء يتمثل في قرار الرزاق ذي القوة المتين, فقد ثبت أن كوننا قد نتج عن عملية انفجار عظيم, وأنه من طبيعة الانفجار أنه يؤدي إلي تناثر المادة وبعثرتها, ولكن انفجارا يؤدي إلي بناء كون بهذه الضخامة في الابعاد, وفي تعدد الاجرام وفي احكام الاحجام, والكتل والمدارات, والحركات والعلاقات المتبادلة من مثل التجاذب, وتبادل المادة فيما بينها هو انفجار لابد, وأن يكون قد تم بتقدير عظيم, من خالق عظيم له من صفات الكمال والجمال والجلال ما مكنه من إبداع هذا الخلق بعلمه وحكمته وقدرته, وهذا الخالق العظيم لابد, وأن يكون مغايرا لكل خلقه فلا يحده المكان, ولا الزمان, ولا تشكله المادة ولا الطاقة, لأنه( تعالي) خالق كل ذلك ومبدعه, هذا الخالق العظيم فوق كل خلقه: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير*( الشوري:11) يدبر أمر هذا الكون في كل صغيرة وكبيرة, ومن ذلك توزيع الأرزاق علي العباد, فمن الأسماء الحسني لهذا الخالق العظيم البارئ المصور نجد اسم( الوهاب) أي صاحب الهبات والعطايا الخالية عن الأعواض والأغراض, كما نجد أسم( الرزاق) أي خالق الأرزاق والمرزوقين, وموصل الأرزاق اليهم وخالق الأسباب التي تمكنهم من التمتع بها. وباقي أسمائه الحسني( سبحانه وتعالي) تحمل شيئا من تلك المعاني والصفات الربانية ومنها:اسم( الفتاح) وهو الذي بيده مفاتيح الغيب والرزق, ومفاتيح كل منغلق ومشكل, واسما( القابض) و(الباسط) ومن معانيهما فيض الرزق حتي لا يبقي طاقة, وبسطه حتي لا يبقي فاقه, كما يقبض القلوب والأرواح ويبسطهما كيف يشاء, واسما( المعز)( المذل) الذي يؤتي الملك من يشاء, وينزعه ممن يشاء, والملك من الرزق, والملك الحقيقي يكمن في الخلاص من ذل الحاجة, وقهر الشهوة, وعبء الجهل, واسم( المقيت) ومن معانيه خالق الأقوات وواهبها. و(الكريم) ومن معانيه المعطاء زيادة علي منتهي الرجاء, و(المجيب) ومن معانيه مقابلة مسألة السائلين بالاجابة و(الواسع) ومن معانيه ذو السعة المطلقة من العلم والخير والاحسان وبسط النعم, و(الودود) ومن معانيه الانعام علي سبيل الابتداء بمحبة ورأفة, و(البر) وهو المحسن المتفضل بكل بر وإحسان, و(مالك الملك) أي صاحب المشيئة النافذة, والإرادة الغالبة. وخلاصة ذلك أن قرار توزيع الأرزاق علي العباد يصدره ربنا( تبارك وتعالي) في علاه فتنزل به الملائكة إلي الأرض تصديقا لقول المصطفي( صلي الله عليه وسلم): إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة, ثم يكون علقة مثل ذلك, ثم يكون مضغة مثل ذلك, ثم يرسل إليه الملك, فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: يكتب رزقه, وأجله, وعمله, وشقي أو سعيد.... وصدق الله العظيم الذي أنزل من فوق سبع سماوات ومن قبل أربعة عشر قرنا قوله الحق: {وفي السماء رزقكم وما توعدون} | |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة الجمعة فبراير 11, 2011 11:59 pm | |
| يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين بقلم الدكتور: زغـلول النجـار
يعتبر مجال الخلق, وإفنائه, وإعادة خلقه, من المجالات الغيبية التي لا يستطيع الإنسان أن يصل فيها إلي تصور صحيح بغير هداية ربانية, ومن هنا فإن العلوم التجريبية لا يمكن لها أن تتجاوز في تلك المجالات مرحلة التنظير بمعني وضع نظرية من النظريات أو اقتراح فرض من الفروض. وتتعدد الفروض والنظريات بتعدد خلفية واضعيها العقدية والثقافية والتربوية والنفسية, ويبقي للمسلم في هذا المجال نور من الله الخالق في آية من كتابه الكريم, أو في حديث مروي بسند صحيح عن خاتم أنبيائه ورسله( صلي الله وسلم عليه وعليهم أجمعين) يمكن أن يعينه علي الارتقاء بإحدي تلك النظريات العلمية إلي مقام الحقيقة لمجرد ورود اشارة لها في أي من هذين المصدرين من مصادر وحي السماء اللذين حفظا بحفظ الله باللغة نفسها التي نزل الوحي بها( اللغة العربية) علي مدي أربعة عشر قرنا ـ أو يزيد ـ دون نقص أو زيادة, ونكون في هذه الحالة قد انتصرنا للعلم بالوحي الثابت من كتاب الله المحفوظ بحفظه, أو بسنة رسوله( صلي الله عليه وسلم) وهي من الوحي, ولم ننتصر لهما بالعلم المكتسب لأنهما فوق ذلك وأعظم وأجل..!! فمجرد ورود إشارة في كتاب الله أو في حديث مروي بسند صحيح عن خاتم أنبيائه ورسله( صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين) إلي ما يدعم إحدي النظريات العلمية التي لم يتوصل إليها العلم المكتسب إلا بعد مجاهدة كبيرة, عبر سنوات طويلة, استغرقت جهود آلاف من العلماء يرقي بهذه النظرية إلي مقام الحقيقة, ويعتبر إعجازا علميا في كتاب الله أو في سنة رسوله( صلي الله عليه وسلم) لمجرد السبق بالإشارة إلي تلك الحقيقة العلمية قبل وصول الإنسان إليها بفترة زمنية طويلة تقدر بأكثر من ثلاثة عشر قرنا من الزمان, وفي ذلك يقول ربنا( تبارك وتعالي) في محكم كتابه: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا (الكهف:51) والقرآن الكريم الذي يقرر أن أحدا من الإنس أو الجن لم يشهد خلق السماوات والأرض, هو الذي يأمرنا بالنظر في قضية الخلق( خلق السماوات والأرض, خلق الحياة, وخلق الإنسان) بعين الاعتبار والاتعاظ فيقول( عز من قائل): أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ..( الأعراف:185) ويقول( سبحانه): لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون (غافر:57) ويقول( سبحانه وتعالي): أفلا ينظرون إلي الإبل كيف خلقت (الغاشية:17) ويقول( تبارك وتعالي): أولم يروا كيف يبديء الله الخلق ثم يعيده إن ذلك علي الله يسير. قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيء النشأة الآخرة إن الله علي كل شيء قدير (العنكبوت:19 و20) وبالنظر في السماء توصل علماء الفلك والفيزياء الفلكية إلي عدد من النظريات المفسرة لنشأة الكون وإفنائه, وأكثر هذه النظريات قبولا في الأوساط العلمية اليوم هما نظريتا الانفجار العظيم (TheBigBangTheory) والانسحاق العظيم (TheBigCrunchTheory) وكلاهما يستند إلي عدد من الحقائق المشاهدة. الشواهد العلمية علي صحة نظرية الانفجار العظيم (1) التوسع الحالي للكون المشاهد: وهي حقيقة اكتشفت في الثلث الأول من القرن العشرين, ثم أكدتها حسابات كل من الفيزيائيين النظريين والفلكيين, والتي لاتزال تقدم مزيدا من الدعم والتأييد لتلك الحقيقة المشاهدة بأن المجرات تتباعد عنا وعن بعضها البعض بسرعات تكاد تقترب أحيانا من سرعة الضوء( المقدرة بحوالي300000 كيلو متر في الثانية), وقد سبق القرآن الكريم كل تلك المعارف بأكثر من ثلاثة عشر قرنا إذ يقول الحق( تبارك وتعالي): والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ( الذاريات:47) وإذا عدنا بهذا الاتساع الكوني الراهن إلي الوراء مع الزمن فإن كافة ما في الكون من صور المادة والطاقة والمكان والزمان لابد أن تلتقي في جرم واحد, متناه في ضآلة الحجم إلي ما يقترب من الصفر أو العدم, فيتلاشي كل من المكان والزمان, ومتناه في ضخامة الكتلة والحرارة إلي الحد الذي تتوقف عنده قوانين الفيزياء النظرية, وهذا الجرم الابتدائي انفجر بأمر من الله تعالي فنشر مختلف صور الطاقة, والمادة الأولية, للكون في كل اتجاه, وتخلقت من تلك الطاقة المادة الأولية, ومن المواد الأولية تخلقت العناصر علي مراحل متتالية, وبدأ الكون في الاتساع, ومع اتساعه تعاظم كل من المكان والزمان, وتحولت مادة الكون إلي سحابة من الدخان الذي خلقت منه الأرض وكل أجرام السماء, وما يملأ المسافات بينها من مختلف صور المادة والطاقة, وظل الكون في التمدد والتوسع منذ لحظة الانفجار العظيم إلي يومنا الراهن, وإلي أن يشاء الله( تعالي). والانسحاق الشديد هو عملية معاكسة لعملية الانفجار الكوني الكبير تماما. (2) اكتشاف الخلفية الإشعاعية للكون المدرك: وقد اكتشفها بمحض المصادفة باحثان بمختبرات شركة بل للتليفونات بمدينة نيوجرسي هما أرنو أ. بنزياس (ArnoA.Penzias) وزميله روبرت و. ويلسون (RobertW.Wilson) في سنة1965 م علي هيئة اشارات راديوية منتظمة وسوية الخواص, قادمة من كافة الاتجاهات في السماء, وفي كل الأوقات دون أدني توقف أو تغير, ولم يمكن تفسير تلك الاشارات الراديوية, المنتظمة, السوية الخواص إلا بأنها بقية الإشعاع الذي نتج عن عملية الانفجار الكوني العظيم, وقد قدرت درجة حرارة تلك البقية الاشعاعية بحوالي ثلاث درجات مطلقة( أي ثلاث درجات فوق الصفر المطلق الذي يساوي ـ273 درجة مئوية) وفي نفس الوقت كانت مجموعة من الباحثين العلميين في جامعة برنستون تتوقع حتمية وجود بقية للإشعاع الناتج عن عملية الانفجار الكوني الكبير, وإمكانية العثور علي تلك البقية الاشعاعية بواسطة التليسكوبات الراديوية, وذلك بناء علي الاستنتاج الصحيح بأن الاشعاع الذي نتج عن عملية الانفجار تلك قد صاحب عملية التوسع الكوني, وانتشر بانتظام وسوية عبر كل من المكان والزمان في فسحة الكون, ومن ثم فإن بقاياه المنتشرة إلي أطراف الجزء المدرك من الكون لابد أن تكون سوية الخواص, ومتساوية القيمة في كل الاتجاهات, ومستمرة ومتصلة بلا أدني انقطاع, وبالإضافة إلي ذلك فإن هذا الاشعاع الكوني لابد أن يكون له طيف مماثل لطيف الجسم المعتم, بمعني أن كمية الطاقة الناتجة عنه في مختلف الموجات يمكن وصفها بدرجة حرارة ذات قيمة محددة, وأن هذه الحرارة التي كانت تقدر ببلايين البلايين من الدرجات المطلقة عند لحظة الانفجار الكوني لابد أن تكون قد بردت عبر عمر الكون المقدر بعشرة بلايين من السنين علي الأقل, إلي بضع درجات قليلة فوق الصفر المطلق. وانطلاقا من تلك الملاحظات الفلكية والنظرية كان في اكتشاف الخلفية الإشعاعية للكون دعم عظيم لنظرية الانفجار الكوني, وقضاء مبرم علي نظرية ثبات الكون واستقراره التي اتخذت تكؤة لنفي الخلق, وإنكار الخالق( سبحانه وتعالي) منذ مطلع القرن العشرين. ولم تكن مجموعة جامعة برنستون بقيادة كل من روبرت دايك (RobertDicke) , ب.ج. إ. بيبلز (P.J.E.Peebles) , ديفيد رول (DavidRoll) وديفيد ولكنسون (DavidWilkinson) هي أول من توقع وجود الخلفية الاشعاعية للكون, فقد سبقهم إلي توقع ذلك كل من رالف ألفر (RalphAlpher) وروبرت هيرمان (RobertHerman) في سنة1948 م وجورج جامو (GeogeGamow) في سنة1953 م ولكن استنتاجاتهم أهملت ولم تتابع بشيء من الاهتمام العلمي فطويت في عالم النسيان. (3) تصوير الدخان الكوني علي أطراف الجزء المدرك من الكون: في سنة1989 م أرسلت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا (NASA) مركبة فضائية باسم مستكشف الخلفية الكونية أو( كوبي )CosmicBackgroundExplorer(orCOBE) وذلك لدراسة الخلفية الاشعاعية للكون من ارتفاع يبلغ ستمائة كيلو متر حول الأرض, وقد قاست تلك المركبة درجة الخلفية الاشعاعية للكون وقدرتها بأقل قليلا من ثلاث درجات مطلقة( أي بحوالي2,735+0,06 من الدرجات المطلقة) وقد أثبتت هذه الدراسة تجانس مادة الكون وتساويها التام في الخواص قبل الانفجار وبعده أي من اللحظة الأولي لعملية الانفجار الكوني العظيم, وانتشار الإشعاع في كل من المكان والزمان مع احتمال وجود أماكن تركزت فيها المادة الخفية التي تعرف باسم المادة الداكنة (DarkMatter) بعد ذلك كذلك قامت تلك المركبة الفضائية بتصوير بقايا الدخان الكوني الناتج عن عملية الانفجار العظيم علي أطراف الجزء المدرك من الكون( علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية), وأثبتت أنها حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل خلق السماوات والأرض, وقد سبق القرآن الكريم جميع المعارف الإنسانية بوصف تلك الحالة الدخانية منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة بقول الحق( تبارك وتعالي): ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ( فصلت:11) وكان في اكتشاف هذا الدخان الكوني ما يدعم نظرية الانفجار الكوني العظيم. (4) عملية الاندماج النووي وتآصل العناصر:
فتق الرتق الاول ثم طيه ثم فتق الثانى كى تبدل الارض غير الارض والسماوات تتم عملية الاندماج النووي في داخل الشمس وفي داخل جميع نجوم السماء بين نوي ذرات الإيدروجين لتكوين نوي ذرات أثقل بالتدريج وتنطلق الطاقة, وقد أدت هذه الملاحظة إلي الاستنتاج الصحيح بتأصيل العناصر بمعني أن جميع العناصر المعروفة لنا والتي يبلغ عددها أكثر من مائة عنصر قد تخلقت كلها في الأصل من غاز الايدروجين بعملية الاندماج النووي, فإذا تحول لب النجم المستعر إلي حديد انفجر النجم وتناثرت أشلاؤه في صفحة السماء حيث يمكن لنوي الحديد تلقي اللبنات الأساسية للمادة من صفحة السماء فتتخلق العناصر الأعلي في وزنها الذري من الحديد. وقد جمعت هذه الملاحظات الدقيقة بين فيزياء الجسيمات الأولية للمادة وعلم الكون, وأيدت نظرية الانفجار العظيم التي بدأت بتخلق المادة وأضدادها مع اتساع الكون, وتخلق كل من المكان والزمان, ثم تخلق نويات كل من الايدروجين والهيليوم والليثيوم, ثم تخلق بقية العناصر المعروفة لنا, ولذا يعتقد الفلكيون في أن تخلق تلك العناصر قد تم علي مرحلتين, نتج في المرحلة الأولي منهما العناصر الخفيفة, وفي المرحلة الثانية العناصر الثقيلة, والتدرج في تخليق العناصر المختلفة بعملية الاندماج النووي في داخل النجوم أو أثناء انفجارها علي هيئة فوق المستعرات هو صورة مبسطة لعملية الخلق الأول يدعم نظرية الانفجار العظيم ويعين الانسان علي فهم آلياتها, والحسابات النظرية لتخليق العناصر بعملية الاندماج النووي تدعمها التجارب المختبرية علي معدلات تفاعل الجسيمات الأولية للمادة مع نوي بعض العناصر, وقد بدأ هذه الحسابات هانز بيته (HansBethe) في الثلاثينات من القرن العشرين, وأتمها وليام فاولر (WilliamFowler) الذي منح جائزة نوبل في الفيزياء مشاركة مع آخرين في سنة1983 تقديرا لجهوده في شرح عملية الاندماج النووي, ودورها في تخليق العناصر المعروفة, ومن ثم المناداة بتآصل العناصر, وهي صورة مصغرة لعملية الخلق الأول. (5) التوزيع الحالي للعناصر المعروفة في الجزء المدرك من الكون: تشير الدراسات الحديثة عن توزيع العناصر المعروفة في الجزء المدرك من الكون إلي أن غاز الإيدروجين يكون أكثر قليلا من74% من مادته, ويليه في الكثرة غاز الهيليوم الذي يكون حوالي24% من تلك المادة, ومعني ذلك أن أخف عنصرين معروفين لنا يكونان معا أكثر من98% من مادة الكون المنظور, وأن باقي105 من العناصر المعروفة لنا يكون أقل من2%, مما يشير إلي تآصل العناصر, ويدعم نظرية الانفجار العظيم, لأن معظم النماذج المقترحة لتلك النظرية تعطي حوالي75% من التركيب الكيميائي لسحابة الدخان الناتجة من ذلك الانفجار غاز الإيدروجين,25% من تركيبة غاز الهيليوم, وهي أرقام قريبة جدا من التركيب الكيميائي الحالي للكون المدرك, كما لخصها عدد من العلماء من مثل: Alpher,Gamow,Wagonar,Fowler ,Hoyle,Schramm, Olive,Walker,Steigman,Rang,etc. هذه الشواهد وغيرها دعمت نظرية الانفجار الكوني العظيم وجعلتها أكثر النظريات المفسرة لنشأة الكون قبولا في الأوساط العلمية اليوم, ونحن المسلمين نرقي بهذه النظرية إلي مقام الحقيقة الكونية لورود مايدعمها في كتاب الله الذي أنزل من قبل ألف وأربعمائة من السنين يخبرنا بقول الخالق( سبحانه وتعالي): أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون( الأنبياء:30) وهذه الآية القرآنية الكريمة التي جاءت بصيغة الاستفهام التوبيخي للكافرين والمشركين والملاحدة تشد انتباههم إلي قدرة الله التامة, وسلطانه العظيم اللذين يتضحان من إبداعه في خلقه, ومن صور ذلك الابداع خلق السماوات والأرض من جرم ابتدائي واحد سماه ربنا( تبارك وتعالي) باسم مرحلة الرتق, والرتق في اللغة الضم والالتئام والالتحام, وهو ضد الفتق( يقال رتقت الشيء فارتتق أي التأم والتحم), ثم أمر الله( تعالي) بفتق هذا الجرم الابتدائي فانفتق وهي مرحلة يسميها القرآن الكريم باسم مرحلة الفتق, وتحول إلي سحابة من الدخان( مرحلة الدخان) الذي خلق منه ربنا( تبارك وتعالي) كلا من الأرض والسماء, وماينتشر بينهما من مختلف صور المادة والطاقة مما نعلم ومالا نعلم, ثم يأتي العلم المكتسب في منتصف القرن العشرين ليكتشف شيئا من معالم تلك الحقيقة الكونية, ويظل يجاهد في إثباتها حتي يتمكن من شيء من ذلك بنهايات القرن العشرين, حيث نادي بحتمية انعكاس تلك النظرية تحت مسمي نظرية الانسحاق الكبير, ويبقي هذا السبق القرآني بالإشارة إلي الفتق بعد الرتق, أو مايسميه علماء الفلك بالانفجار العظيم, وما أدي إليه من تحول الجرم الابتدائي إلي سحابة دخانية خلقت منها الأرض والسماوات, وإلي توسع الكون إلي عصرنا الراهن وإلي أن يشاء الله, ثم طي ذلك كله مرة أخري إلي جرم واحد وانفجاره وتحوله إلي دخان وخلق أرض غير الأرض وسماوات غير السماوات, يبقي ذلك كله من أعظم الشهادات علي أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق, وعلي أن هذا النبي الخاتم( صلي الله عليه وسلم) كان موصولا بالوحي ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض. ماذا بعد اتساع الكون؟ أدت الملاحظات العلمية الدقيقة عن توسع الكون, واكتشاف أشباه النجوم (Quasars), كما ادي اكتشاف الخلفية الإشعاعية للكون المدرك, وتصوير الدخان الكوني علي أطراف هذا الجزء المدرك من الكون, واستنتاج عملية الاندماج النووي وتخلق العناصر من غاز الايدروجين في داخل الشمس, وفي داخل غيرها من النجوم, والتوزيع الحالي للعناصر المعروفة في الجزء المدرك من الكون أدي ذلك كله إلي دعم نظريتي الانفجار الكوني العظيم, والانسحاق الكوني الكبير وإلي دحض غيرهما من النظريات وفي مقدمتها نظرية الكون الثابت والتي نادي بها كل من هيرمان بوندي (HermannBondi), وتوماس جولد (ThomasGold), وفريد هويل .(FredHoyle) في الاربعينات من القرن العشرين, والتي طرحت انطلاقا من الاعتقاد الخاطيء بأزلية الكون والذي ساد الغرب طوال النصف الأول من القرن العشرين, واستمر معه إلي اليوم علي الرغم من دحض المعطيات الكلية للعلوم لتلك الفرية الكبيرة..!!! ونحن كمسلمين نرتقي بنظريتي الانفجار الكوني الكبير والانسحاق الكوني الشديد إلي مقام الحقيقة لوجود إشارة لهما في كتاب الله, علي الرغم من وجود بعض المعارضين, والرافضين لقبول كلتا النظريتين من الغربيين أنفسهم, وحتي الذين اقتنعوا بالنظريتين ودافعوا عنهما انقسموا حيالهما إلي مجموعات في غيبة اتباعهم للهداية الربانية في أمر مستقبلي من أمور الغيب, ومقدرة العلوم المكتسبة علي التنبؤ بالأمور المستقبلية محدودة جدا. الاحتمالات المتوقعة لعملية توسع الكون: (1) الاحتمال الأول: ويقترح فيه علماء الفلك والفيزياء الفلكية أن يستمر الكون في التمدد والتوسع إلي مالا نهاية( هروبا من الاعتراف بالخلق وبالآخرة), وذلك بافتراض استمرار قوة الدفع إلي الخارج بمعدلات أقوي من قوي الجاذبية التي تشدالكون إلي الداخل في اتجاه مركزه, وهذا افتراض خاطيء تماما في ضوء الملاحظات الراهنة علي الجزء المدرك من الكون, ومن أبسطها أن استمرار تمدد الكون واتساعه يؤدي إلي خفض درجة حرارته بالتدريج حتي تنطفيء جذوة نجومه بانفجارها, أو بتحولها إلي أجسام باردة كالكواكب, أو إلي ثقوب سود تبتلع كل مايدخل في دائرة جذبها من مختلف صور المادة والطاقة, ومن هنا كان تمدد الكون إلي مالانهاية( وهو مايسمي بنموذج الكون المفتوح) أمرا مستبعدا في ضوء ماتفقده النجوم عن طريق إشعاعها من طاقة, والطاقة والمادة أمران متكافئان, واستمرار فقدان النجوم من طاقتها ينفي إمكانية استمرار الكون في الاتساع إلي مالا نهاية. فشمسنا ـ علي سبيل المثال ـ تفقد في كل ثانية من عمرها من الطاقة مايقدر بحوالي4,6 مليون طن من المادة, وبافتراض استمرار الكون في التمدد سوف يستمر انتقال الطاقة من الأجسام الحارة كالنجوم إلي الأجسام الباردة كالكواكب والكويكبات, والأقمار والمذنبات حتي تأتي علي الكون لحظة تتساوي فيها درجة حرارة جميع الأجسام فيه فيتوقف الكون عن التمدد إن لم يكن عن إمكانية الوجود, فالاستمرار في توسع الكون مرتبط بالقوة الدافعة للمجرات إلي التباعد عن بعضها البعض وهي القوة الناتجة عن عملية الانفجار العظيم, وإذا كانت الحرارة التي نتجت عن تلك العملية والتي تقدرها الحسابات الرياضية والفيزيائية ببلايين البلايين من الدرجات المطلقة في لحظة الانفجار قد انخفضت اليوم إلي أقل قليلا من ثلاث درجات مطلقة فلابد أن القوة الدافعة, إلي الخارج والمؤدية إلي توسع الكون قد تناقصت بنفس المعدل, خاصة أن الحسابات الرياضية تشير إلي أن معدلات التمدد عقب عملية الانفجار العظيم مباشرة كانت أعلي بكثير من معدلاتها الحالية, وهذا هو الذي دفع بفلكي مثل آلان جوث (AlanGuth) إلي وضع نظرية الكون المتضخم (TheInflationaryUniverse) التي تقرر انه في وقت مبكر جدا من تاريخ الكون كان نموه نموا أسيا فائق السرعة, فائق التمدد, وهذا أيضا هو الذي دفع بكل من روبرت دايك (R.H.Dicke) وب.ج.أ.بيبلز (P.J.E.Peebles) إلي القول بأن الأرصاد الحالية للكون توحي بأن عصرنا الحالي إما أن يكون عصرا فريدا في التمدد عقب عملية الانفجار الكبير, أو أن الشروط الأساسية للتمدد يجب أن يتم تعديلها بشكل يحقق قدرا من التوافق مع هذه الأرصاد التي تثير تساؤلا عما إذا كان الكون الآن مفتوحا( أي مستمرا في التمدد إلي مالا نهاية) أو مغلقا( أي سوف يتمدد إلي أجل محدد ثم يبدأ في التكدس علي ذاته) أو مستويا بمعني انتفاء تحدب الكون, وقد أشارت إليه كل الحسابات الرياضية كالتي قام بها اليكساندر فريدمان (AlexanderFreidmann), وألبرت أينشتاين (AlbertEinstein) وغيرهما من الفيزيائيين النظريين والفلكيين. والاستمرار في توسع الكون مرتبط بالقوة الدافعة بالمجرات للتباعد عن بعضها بعضا وهي مايعبر عنها أحيانا بسرعة الإفلات من قوي الجاذبية (EscapeVelocity), ولكل جرم سماوي مهما كانت كتلته سرعة إفلات محددة من قوة جاذبيته, فسرعة الإفلات من جاذبية الأرض تقدر بحوالي11 ـ22 كيلومترا في الثانية, بمعني أنه إذا أطلق صاروخ من الأرض بهذه السرعة أو بأعلي منها فانه يستطيع التغلب علي الجاذبية الأرضية, ولكن هل سرعة توسع الكون الحالية تبلغ سرعة الإفلات من الجاذبية الكونية حتي يستمر في التوسع؟ يعتقد المشتغلون بكل من علمي الكون والفيزياء النظرية أن الأمر مرتبط بكثافة الكون, فإن كانت كثافته في حدود مايعرف بالكثافة الحرجة (CriticalDensity) فمعني ذلك أن قوة الجاذبية الكونية تكفي لإيقاف توسع الكون في المستقبل الذي لايمكن لأحد أن يعلمه إلا الله, أما إذا كانت كثافة الكون أقل من الكثافة الحرجة فمعني ذلك أن الكون سيبقي متوسعا إلي مالا نهاية, وهذا مالايمكن إثباته لأن الانسان في زمن تفجر المعارف العلمية الذي نعيشه لايدرك أكثر من10% من مادة الكون المنظور, فأني له أن يصل إلي معرفة كثافة هذا الجزء من الكون المليء بصور المادة غير المرئية من مثل الثقوب السود, والمادة الداكنة, وجسيمات النيوترينو (Neutrino) وغيرها, فضلا عن معرفة كثافة الكون غير المدرك؟ ولذلك يتحدث علماء الفلك عما يسمونه باسم الكتلة المفقودة (TheMissingMass) في الجزء المدرك من الكون, والتي يعللون وجودها بأن كميات المادة والطاقة المشاهدة فيه أقل بكثير عن الكمية اللازمة لابقاء أجزائه متماسكة مع بعضها بعضا بفعل الجاذبية, بل يحتاج ذلك إلي عشرة أضعاف الكمية المدركة من المادة لكي يبقي الجزء المدرك من الكون في تماسك واتزان, ومن هنا كان التقدير بأن90% من مادة الجزء المدرك من الكون غائبة عن إدراكنا. (2) الاحتمال الثاني: ويقترح فيه علماء الكون نموذجا للكون المتذبذب (TheOscillatingUniverse) بغير بداية ولا نهاية ـ هروبا من الاعتراف بالخلق وجحودا بالخالق( سبحانه وتعالي) ـ ويبقي الكون في هذا النموذج متذبذبا بين التكدس والانفجار أي بين الانكماش والتمدد في دورات متتابعة ولكنها غير متشابهة إلي مالا نهاية تبدأ بمرحلة التكدس علي الذات ثم الانفجار والتمدد ثم التكدس مرة أخري وهكذا. واقترح ريتشارد تولمان (RichardTolman) في سنة1934 م أن كل دورة من دورات تذبذب الكون لاتتشابه مع ماقبلها من الدورات بافتراض أن النجوم تنشر إشعاعها في الكون فتتزايد أعداد فوتونات الطاقة ببطء فيأتي كل انفجار كوني أعلي حرارة من سابقيه علي الرغم من التدمير الكامل الذي يعم الكون في كل مرحلة, وهو افتراض ساذج ينسي انطواء الكون علي ذاته بكل مافيه من مختلف صور المادة والطاقة والمكان والزمان, وانغلاق ذلك كله في كل عملية تكدس يمر بها الكون, ولذلك لم يستطع هذا النموذج المقترح الصمود في ضوء معطيات علم الفلك الحديثة. (3) الاحتمال الثالث: ويتوقع فيه العلماء تباطؤ سرعة توسع الكون مع الزمن وهي القوة الناتجة عن عملية الانفجار العظيم, فكما أن الحرارة التي نتجت عن تلك العملية والتي تقدر حسابيا ببلايين البلايين من الدرجات المطلقة لحظة الانفجار قد انخفضت اليوم إلي أقل قليلا من الثلاث درجات مطلقة( أي إلي ـ270 درجة مئوية), فلابد أن القوة الدافعة إلي الخارج والمؤدية إلي توسع الكون قد تناقصت بنفس المعدل, خاصة أن الحسابات الرياضية تشير إلي أن معدلات التمدد الكوني عقب عملية الانفجار العظيم مباشرة كانت أعلي بكثير من معدلاتها الحالية( الكون المتضخم بسرعات فائقة). ومع تباطؤ سرعة توسع الكون تتفوق قوي الجاذبية علي قوة الدفع بالمجرات للتباعد عن بعضها بعضا فتأخذ المجرات في الاندفاع إلي مركز الكون بسرعات متزايدة, لامة مابينها من مختلف صور المادة والطاقة فيبدأ الكون في الانكماش والتكدس علي ذاته, ويطوي كل من المكان والزمان حتي تتلاشي كل الأبعاد أو تكاد, وتتجمع كل صور المادة والطاقة المنتشرة في أرجاء الكون حتي تتكدس في نقطة متناهية في الضآلة, تكاد تصل إلي الصفر أو العدم, ومتناهية في الكثافة والحرارة إلي الحد الذي تتوقف عنده كل قوانين الفيزياء المعروفة, أي يعود الكون إلي حالته الأولي( مرحلة الرتق) ويسمي هذا النموذج باسم نموذج الكون المنغلق (TheClosedUniverse) وتسمي عملية تجمع الكون بنظرية الانسحاق الكبير (TheBigCrunchTheory), وهي معاكسة لعملية الانفجار الكبير. ونحن المسلمين نؤمن بتلك النظرية لقول الحق( تبارك وتعالي) في محكم كتابه: يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين. (الأنبياء:104) ولايستطيع أي إنسان كائنا من كان أن يتوقع شيئا وراء ذلك الغيب المستقبلي بغير بيان من الله الخالق, والقرآن الكريم يخبرنا فيه بقول الحق( تبارك وتعالي): يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار.( إبراهيم:48) وبقوله( عز من قائل): أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر علي أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبي الظالمون إلا كفورا.( الإسراء:99) ومعني هذه الآيات الكريمة أن الله( تعالي) سوف يطوي صفحة الكون جامعا كل مافيها من مختلف صور المادة, والطاقة, والمكان والزمان, علي هيئة جرم ابتدائي ثان( رتق ثان) شبيه تماما بالجرم الابتدائي الأول( الرتق الأول) الذي نشأ عن انفجاره الكون الراهن, وأن هذا الجرم الثاني سوف ينفجر بأمر من الله( تعالي) كما انفجر الجرم الأول, وسوف يتحول إلي سحابة من الدخان كما تحول الجرم الأول, وسوف يخلق الله( تعالي) من هذا الدخان أرضا غير أرضنا الحالية, وسماوات غير السماوات التي تظلنا, كما وعد( سبحانه وتعالي), وهنا تبدأ الحياة الآخرة ولها من السنن والقوانين مايغاير سنن الحياة الدنيا, فهي خلود بلا موت, والدنيا موت بعد حياة, وسبحان القائل مخاطبا أهل الجنة: ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود( ق:34) وصلي الله وسلم وبارك علي خاتم الأنبياء والمرسلين الذي يروي عنه قوله: والله مابعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار, وإنها لجنة أبدا أو نار ابدا. ومن الأمور المعجزة حقا أن يشير القرآن الكريم الذي أنزل قبل ألف وأربعمائة من السنين إلي أهم نظريتين في خلق الكون وإفنائه وهما نظريتا الانفجار الكبير والانسحاق الكبير ونحن نرتقي بهاتين النظريتين إلي مقام الحقيقة لمجرد ورود إشارة إليهما في كتاب الله الخالد الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ومن المعجز أيضا أن ترد الآيتان المشيرتان إلي كلتا النظريتين في سورة واحدة من سور القرآن الكريم وهي سورة الأنبياء( الآيتان:30 و104). ومن المعجز حقا تلك الإشارة القرآنية المبهرة باعادة خلق أرض غير الأرض الحالية, وسماوات غير السماوات الحالية, وهو غيب لايمكن للانسان أن يصل إليه أبدا بغير هداية ربانية, وهي الهداية. التي تحسم الجدل المحير في أمر من أمور الغيب المطلق, حار فيه علماء العصر, فسبحان الذي أنزل القرآن بعلمه فقال مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله( صلي الله عليه وسلم) لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفي بالله شهيدا (النساء:166).
الأهرام القاهرية 2/7/2001 __________________ | |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة السبت فبراير 12, 2011 12:00 am | |
| الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها... بقلم الدكتور: زغـلول النجـار
يستهل ربنا( تبارك وتعالي) سورة الرعد بقوله( عز من قائل): المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لايؤمنون. الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوي علي العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمي يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون [الرعد:1 و2] وفي هاتين الآيتين الكريمتين يؤكد ربنا( تبارك وتعالي) أن الوحي بالقرآن الكريم إلي خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله عليه وسلم) هو الحق المطلق, المنزل من الله( تعالي), والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, وإن كان أكثر الناس لايؤمنون به. والإيمان بالوحي من ركائز الإيمان بالله, ودعائم الإسلام( أي التسليم له تعالي بالطاعة في العبادة) لأن الذي يؤمن بأن الوحي هو كلام الله الخالق يسلم بمحتوي هذا الوحي من أمور الغيب وضوابط السلوك من مثل قواعد العقيدة, وتفاصيل العبادة, ودستور الأخلاق وفقه المعاملات, ومايصاحب ذلك من قصص الأمم السابقة( الذي جاء للعظة والاعتبار), وخطاب للنفس الإنسانية من خالقها وبارئها يهزها من الأعماق هزا, ويرقي بها إلي معارج الله العليا...!! وأول أسس العقيدة الصحيحة هو التوحيد الخالص لله تعالي بغير شريك ولاشبيه ولامنازع, والإيمان بما أنزل من غيب[ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله( بغير تفريق ولاتمييز), وبالقدر خيره وشره( بكل الرضي والتسليم), وبالبعث والحساب والجنة والنار, وبالخلود في حياة قادمة( بغير أدني شك أو ريبة]. وهذا الإيمان الصحيح يستتبع الخضوع الكامل لله( تعالي) بالعبادة والطاعة, وحسن القيام بواجب الاستخلاف في الأرض في غير استعلاء ولاتجبر, والسعي الحثيث لإقامة عدل الله( تعالي) فيها, وكل ذلك من صميم رسالة الإنسان في هذه الحياة, ومن ضرورات تحقيق النجاح فيها: والقرآن الكريم الذي أوحاه ربنا( تبارك وتعالي) إلي خاتم أنبيائه ورسله( صلي الله عليه وسلم), وتعهد بحفظه كلمة كلمة, وحرفا حرفا, فحفظ علي مدي أربعة عشر قرنا أو يزيد, وإلي أن يرث الله( تعالي) الأرض ومن عليها يستدل علي صفائه الرباني, وعلي وحدانية الخالق العظيم, وطلاقة قدرته, وكمال علمه وحكمته بآياته الكريمة ذاتها, ومالها من جمال, وكمال, وصدق, كما يستدل علي ذلك أيضا بعدد من آيات الله الكونية الكبري وفي مقدمتها رفع السماوات بغير عمد يراها الناس...!!! وهو من الأمور الظاهرة للعيان, والشاهدة علي أن للكون إلها خالقا, قادرا, حكيما, عليما, أبدع هذا الكون بعلمه, وحكمته وقدرته, وهو قادر علي إفنائه, وعلي إعادة خلقه من جديد. وعلي الرغم من ذلك فإن أكثر الناس غافلون عن كل هذه الحقائق, ومضيعون أعمارهم في شقاق, ونفاق, وعناد, من أجل الخروج علي منهج الله, واتباع الشهوات المحرمة, والمتع الخاطئة المدمرة, والاستعلاء الكاذب في الأرض, والولوغ في الظلم, وإفساد الحياة..!!! وأغلب المنكرين لدين الله الحق الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين) ينطلقون من غفلتهم هذه لينكروا البعث, والحساب, والجنة, والنار, والخلود في حياة قادمة انطلاقا من كفرهم بالله الخالق, وبملائكته, وكتبه, ورسله, ولايجدون في رفع السماء بغير عمد يرونها آية من الآيات المادية الملموسة التي نشهد له( تعالي) بطلاقة القدرة, وكمال الحكمة, ودقة التدبير..!!! وتستمر الآيات القرآنية في نفس السورة باستعراض عدد غير قليل من آيات الله في الكون لعلها توقظ أصحاب العقول الغافلة, والضمائر الميتة إن كانت لديهم بقية من القدرة علي التفكير السليم, أو التعقل الراجح. فإن أصروا علي كفرهم بالله, وإنكارهم لرسالته الخاتمة, وماتضمنته من أمور غيبية, وفي مقدمتها قضية البعث, فليس من جزاء لهم أقل من الخلود في النار, والاغلال في أعناقهم, إمعانا في إذلالهم جزاء كفرهم وإنكارهم لآيات الله الخالق المقروءة في رسالته الخاتمة والمنظورة في كونه البديع..!!! ورفع السماوات بغير عمد يراها الناس مع ضخامة أبعادها, وتعاظم أجرامها عددا وحجما وكتلة, هو من أوضح الأدلة علي أن هذا الكون الشاسع الاتساع, الدقيق البناء, المحكم الحركة والمنضبط في كل أمر من أموره لايمكن أن يكون نتاج المصادفة المحضة, أو أن يكون قد أوجد نفسه بنفسه, بل لابد له من موجد عظيم له من صفات الكمال والجمال والجلال والقدرة مايغاير صفات خلقه قاطبة: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [الشوري:11] من أجل ذلك يؤكد القرآن الكريم حقيقة رفع السماوات بغير عمد يراها الناس, وإبقاءها سقفا مرفوعا, وحفظها من الوقوع علي الأرض ومن الزوال إلا بإذن الله, وذلك في عدد من آيات أخري من كتابه العزيز يقول فيها ربنا( تبارك وتعالي): [1] خلق السماوات بغير عمد ترونها.. (لقمان:10) [2] وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون. (الأنبياء:32) [3] ويمسك السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم (الحج:65) [4] ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره. (الروم:25) [5] إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا (فاطر:41) [6] والسقف المرفوع (الطور:5) [7] والسماء رفعها ووضع الميزان ( الرحمن:7) [8] ءأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها (النازعات:28,27) [9] أفلا ينظرون إلي الابل كيف خلقت وإلي السماء كيف رفعت ( الغاشية:18,17) [10] والسماء ومابناها (الشمس:5) فكيف رفعت السماوات بغير عمد يراها الناس؟ وهل معني الآية الكريمة ان السماء لها عمد غير مرئية أم ليس لها عمد علي الإطلاق؟ هذا ماسوف نفصله في السطور التالية بإذن الله( تعالي) وقبل الدخول في ذلك لابد لنا من شرح لفظ( عمد) في اللغة العربية وفي القرآن الكريم. لفظة( العمد) في اللغة العربية
ثبات كواكب المجموعة الشمسية بالتعادل بين قوة الجاذبية والقوة الطاردة المركزية يقال عمد) للشيء بمعني قصد له أي( تعمده), و(العمد) و(التعمد) هو قصد الشيء بالنية وهو ضد كل من السهو والخطأ, و(العمد) علي الشيء الاستناد إليه, ويقال عمد) الشيء( فانعمد) أي أقامه( بعماد)( يعتمد) عليه, و(عمدت) الشيء إذا أسندته, و(عمدت) الحائط مثله, و(العمود) ماتقام أو تعتمد عليه الخيمة من خشب أو نحوه ويعرف باسم( عمود البيت), وجمعه في القلة( أعمدة), وفي الكثرة( عمد) بفتحتين و(عمد) بضمتين, و(عمود) القوم و(عميدهم) السيد الذي( يعمده) الناس, و(العمدة) بالضم ما( يعتمد) عليه وجمعه( عمد), و(العماد) بالكسر ما( يعتمد) أو هو الأبنية الرفيعة( تذكر وتؤنت) والواحدة( عمادة) ويقال اعتمد) علي الشيء بمعني اتكأ عليه, و(اعتمد) عليه في كذا اتكل عليه, وفلان رفيع( العماد) أي هو رفيع عند الاعتماد عليه, ويقال: سطع( عمود) الصبح أي ابتدأ طلوع نوره تشبيها( للعمود) والقلب( العميد) الذي يعمده الحزن, والجسد( العميد) الذي يعمده السقم, وقد( عمد) توجع من حزن أو غضب أو سقم, و(عمد) البعير توجع من عقر ظهره. لفظة( العمد) في القرآن الكريم وردت لفظة( عمد) في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع علي النحو التالي: [1] الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها (الرعد:2) [2] خلق السماوات بغير عمد ترونها.. (لقمان:10) [3] نار الله الموقدة. التي تطلع علي الأفئدة. إنها عليهم مؤصدة. في عمد ممدة (الهمزة:6 ــ9) ووردت لفظة( عماد) في موضع واحد يقول فيه ربنا( تبارك وتعالي): ألم تر كيف فعل ربك بعاد. إرم ذات العماد. التي لم يخلق مثلها في البلاد. (الفجر:6 ـ وجاء الفعل( تعمد) ومشتقاتها في كتاب الله الكريم في ثلاثة مواضع علي النحو التالي: [1] وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ماتعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما (الأحزاب:5) [2] ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما (النساء:93) [3] ومن قتله منكم متعمدا.. (المائدة:95) آراء المفسرين تعددت آراء المفسرين في شرح قوله( تعالي): الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها..( الرعد:2) وقوله( عز من قائل): خلق السماوات بغير عمد ترونها.. (لقمان:10) فقال ابن كثير( يرحمه الله): السماء علي الأرض مثل القبة, يعني بلا عمد, وهذا هو اللائق بالسياق, والظاهر من قوله تعالي( ويمسك السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه) فعلي ذلك يكون قوله ترونها) تأكيدا لنفي ذلك, أي هي مرفوعة بغير عمد كما ترونها, وهذا هو الأكمل في القدرة. كذلك روي ابن كثير عن ابن عباس( رضي الله عنهما) وعن كل من مجاهد والحسن( عليهما رضوان الله) أنهم قالوا: لها عمد ولكن لاتري, فتكون( ترونها) صفة( عمد) أي بغير عمد مرئية( أبو بعمد غير مرئية), وأضاف أن هذا التأويل خلاف الظاهر المتبادر ولذلك ضعفه ابن كثير. وذكر صاحبا تفسير الجلالين( يرحمهما الله): أن( العمد) جمع( عماد) وهو الاسطوانة[ أي أن العمد موجودة ولكنكم لاترونها], وهو صادق أن لا عمد أصلا. وفي تعليقه علي هذا التفسير ذكر كنعان( أمد الله في عمره): قوله: وهو صادق بأن لاعمد لها أصلا هو إشارة إلي الوجه الثاني علي القول بأن( ترونها) صفة لــ( عمد), والضمير عائد إليها والمعني: رفعها خالية عن عمد مرئية, وانتفاء العمد المرئية يحتمل انتفاء الرؤية فقط أي: لها عمد ولكنها غير مرئية, ويحتمل انتفاء العمد والرؤية جميعا أي: لاعمد أصلا كما ذكر الجلال السيوطي( يرحمه الله), وفي قول آخر ترونها) مستأنفة, وضميرها يعود لــ( السماوات), والمعني: رفعها بلا عمد أصلا وأنتم ترونها كذلك.. وذكر محمد عبده( رحمه الله) في تفسير قوله( تعالي): والسماء ومابناها مانصه: السماء اسم لما علاك وارتفع فوق رأسك وأنت إنما تتصور عند سماعك لفظ السماء هذا الكون الذي فوقك فيه الشمس والقمر وسائر الكواكب تجري في مجاريها, وتتحرك في مداراتها, هذا هو السماء. وقد بناه الله أي رفعه وجعل كل كوكب من الكواكب منه بمنزلة لبنة من بناء سقف أو قبة أو جدران تحيط بك, وشد هذه الكواكب بعضها إلي بعض برباط الجاذبية العامة, كما تربط أجزاء البناء الواحد بما يوضع بينها مما تتماسك به. وقال صاحب الظلال( يرحمه الله): والسماوات ــ أيا كان مدلولها, وأيا كان مايدركه الناس من لفظها في شتي العصور ــ معروضة علي أنظار, هائلة ــ ولاشك ــ حين يخلو الناس إلي تأملها لحظة, وهي هكذا لاتستند إلي شيء, مرفوعة( بغير عمد) مكشوفة( ترونها).. ما من أحد يقدر علي رفعها بلا عمد ــ أو حتي بعمد ــ إلا الله.. وذكر الغمراوي( يرحمه الله) واعجب معي من إعجاز الأسلوب والمعني معا في قوله تعالي بغير عمد ترونها) في كل من خلق السماء ورفعها. فلو قيل( بغير عمد) فحسب لكان ذلك نفيا مطلقا للعمد, مرئية وغير مرئية, والنفي المطلق يخالف الواقع الذي علم الله أنه سيهدي إليه عباده بعد نحو ألف وخمسين عاما من اختتام القرآن, فكأن من الإعجاز المزدوج أن يقيد الله نفي العمد في الخلق والرفع بقوله( ترونها), والضمير المنصوب في( ترونها) يرجع أولا إلي أقرب مذكور وهو( عمد) فيكون المعني: بغير عمد مرئية, أي بعمد من شأنها وفطرتها ألا تري, والفعل المضارع في اللغة يشمل الحال والاستقبال أو هو حال مستمر, لأن القرآن مخاطب به الناس في كل عصر. وإذا أعيد الضمير إلي السماء كان المعني: أن السماء ترونها مخلوقة مرفوعة بغير عمد, وتكون العمد مايعهده الناس في أبنية الأرض, ونفيها بهذا المعني عن السماء المرفوعة أيضا أمر عجيب لايقدر عليه إلا الله وكلا الوجهين مفهوم من التعبير القرآني طبق اللغة, وإن كان الأولي في اللغة هو الوجه الأول الذي يحوي الإعجاز العلمي, وإذن فالوجهان كلاهما مرادان بالتعبير الكريم إذ لامانع من أحدهما والزمخشري فهم المعنيين علي التخيير, وإن أعطي الأولوية للمعني المستفاد من جعل( ترونها) صفة للعمد, أي بغير عمد مرئية, يعني أن عمدها لاتري, وهي إمساكها بقدرته. أما الفخر الرازي فلم يرصد إلا هذا المعني الثاني إذ يقول: إنه رفع السماء بغير عمد ترونها, أي لاعمد في الحقيقة إلا أن تلك العمد هي قدرة الله تعالي وحفظه وتدبيره وإبقاؤه إياها في الحيز الحالي, وإنهم( أي الناس) لايرون ذلك التدبير ولايعرفون كيفية ذلك الإمساك. وأضاف الغمراوي( يرحمه الله) وقد عرف علماء الفلك الحديث كيفية ذلك عن طريق تلك السنة الكونية العجيبة المذهلة: سنة الجاذبية العامة, التي قامت وتقوم بها السماوات والأرض بأمر الله كما قال سبحانه: ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره (الروم:25) وقد بقي من صور التعبير صورة, وهي أن يقال بعمد لاترونها) بدلا من( بغير عمد ترونها) في الآيتين الكريمتين, وقد تجنبها القرآن لحكمة بالغة, فلو أنها جاءت فيه هكذا لاتجهت الافكار باديء ذي بدء إلي إثبات عمد في السماء أو للسماء, كالتي يعرفونها فيما يعلون من بنيان, ولأثبت العلم بطلان ذلك, وإن جاز علي أهل العصور قبل, وجل وعز وجه الله أن يلم خطأ مابكتابه من قريب أو بعيد. وذكر الصابوني( أمد الله في عمره) في تفسير قوله تعالي: الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها مانصه: أي خلقها مرتفعة البناء, قائمة بقدرته لاتستند علي شيء حال كونكم تشاهدونها وتنظرونها بغير دعائم, وذلك دليل علي وجود الخالق المبدع الحكيم العمد غير المرئية في العلوم الكونية تشير الدراسات الكونية إلي وجود قوي مستترة, في اللبنات الأولية للمادة وفي كل من الذرات والجزيئات وفي كافة أجرام السماء, تحكم بناء الكون وتمسك بأطرافه إلي أن يشاء الله تعالي فيدمره ويعيد خلق غيره من جديد. ومن القوي التي تعرف عليها العلماء في كل من الأرض والسماء أربع صور, يعتقد بأنها أوجه متعددة لقوة عظمي واحدة تسري في مختلف جنبات الكون لتربطه برباط وثيق وإلا لانفرط عقده وهذه القوي هي: (1) القوة النووية الشديدة وهي القوة التي تقوم بربط الجزيئات الأولية للمادة في داخل نواة الذرة برباط متين من مثل البروتونات, والنيوترونات ولبناتهما الأولية المسماة بالكواركات (QUARKS) بأنواعها المختلفة وأضدادها ((Anti-Quarks كما تقوم بدمج والتحام نوي الذرات مع بعضها البعض في عمليات الاندماج النووي (nuclearfusion) التي تتم في داخل النجوم, كما تتم في العديد من التجارب المختبرية, وهي أشد أنواع القوي الطبيعية المعروفة لنا في الجزء المدرك من الكون ولذا تعرف باسم القوة الشديدة ولكن هذه الشدة البالغة في داخل نواة الذرة تتضاءل عبر المسافات الأكبر ولذلك يكاد دورها يكون محصورا في داخل نوي الذرات, وبين تلك النوي ومثيلاتها, وهذه القوي تحمل علي جسيمات غير مرئية تسمي باسم اللاحمة أو جليون (gluon) لم تكتشف إلا في أواخر السبعينيات من القرن العشرين, وفكرة القنبلة النووية قائمة علي اطلاق هذه القوة التي تربط بين لبنات نواة الذرة, وهذه القوة لازمة لبناء الكون لأنها لو انعدمت لعاد الكون إلي حالته الأولي لحظة الانفجار العظيم حين تحول الجرم الابتدائي الأولي الذي نشأ عن انفجاره كل الكون إلي سحابة من اللبنات الأولية للمادة التي لايربطها رابط, ومن ثم لايمكنها بناء أي من أجرام السماء. (2) القوة النووية الضعيفة: وهي قوة ضعيفة وذات مدي ضعيف للغاية لا يتعدي حدود الذرة وتساوي10 ــ13 من شدة القوة النووية الشديدة, وتقوم بتنظيم عملية تفكك وتحلل بعض الجسيمات الأولية للمادة في داخل الذرة كما يحدث في تحلل العناصر المشعة, وعلي ذلك فهي تتحكم في عملية فناء العناصر حيث إن لكل عنصر أجلا مسمي, وتحمل هذه القوة علي جسيمات إما سالبة أو عديمة الشحنة تسمي البوزونات (bosons). (3) القوة الكهربائية المغناطيسية( الكهرومغناطيسية): وهي القوة التي تربط الذرات بعضها ببعض في داخل جزيئات المادة مما يعطي للمواد المختلفة صفاتها الطبيعية والكيميائية, ولولا هذه القوة لكان الكون مليئا بذرات العناصر فقط ولما كانت هناك جزيئات أو مركبات, ومن ثم ما كانت هناك حياة علي الاطلاق. وهذه القوة هي التي تؤدي إلي حدوث الاشعاع الكهرومغناطيسي علي هيئة فوتونات الضوء أو مايعرف باسم الكم الضوئي. (PhotonsorphotonQuantum) وتنطلق الفوتونات بسرعة الضوء لتؤثر في جميع الجسيمات التي تحمل شحنات كهربية ومن ثم فهي تؤثر في جميع التفاعلات الكيميائية وفي العديد من العمليات الفيزيائية وتبلغ قوتها137/1 من القوة النووية الشديدة. (4) قوة الجاذبية: وهي علي المدي القصير تعتبر أضعف القوي المعروفة لنا, وتساوي10 ــ39 من القوة النووية الشديدة, ولكن علي المدي الطويل تصبح القوة العظمي في الكون, نظرا لطبيعتها التراكمية فتمسك بكافة أجرام السماء, وبمختلف تجمعاتها, ولولا هذا الرباط الحاكم الذي أودعه الله( تعالي) في الأرض وفي أجرام السماء ما كانت الأرض ولا كانت السماء ولو زال هذا الرباط لانفرط عقد الكون وانهارت مكوناته. ولايزال أهل العلم يبحثون عن موجات الجاذبية المنتشرة في أرجاء الكون كله, منطلقة بسرعة الضوء دون أن تري, ويفترض وجود هذه القوة علي هيئة جسيمات خاصة في داخل الذرة لم تكتشف بعد يطلق عليها اسم الجسيم الجاذب أو( الجرافيتون) (Graviton) وعلي ذلك فإن الجاذبية هي أربطة الكون. والجاذبية مرتبطة بكتل الأجرام وبمواقعها بالنسبة لبعضها البعض, فكلما تقاربت أجرام السماء, وزادت كتلها, زادت قوي الجذب بينها, والعكس صحيح, ولذلك يبدو أثر الجاذبية أوضح مايكون بين أجرام السماء التي يمسك الأكبر فيها بالأصغر بواسطة قوي الجاذبية, ومع دوران الأجرام حول نفسها تنشأ القوة الطاردة( النابذة) المركزية التي تدفع بالاجرام الصغيرة بعيدا عن الأجرام الأكبر التي تجذبها حتي تتساوي القوتان المتضادتان: قوة الجذب إلي الداخل, وقوة الطرد إلي الخارج فتتحدد بذلك مدارات كافة أجرام السماء التي يسبح فيها كل جرم سماوي دون أدني تعارض أو اصطدام. هذه القوي الأربع هي الدعائم الخفية التي يقوم عليها بناء السماوات والأرض, وقد أدركها العلماء من خلال آثارها الظاهرة والخفية في كل أشياء الكون المدركة. توحيد القوي المعروفة في الكون المدرك كما تم توحيد قوتي الكهرباء والمغناطيسية في شكل قوة واحدة هي القوة الكهرومغناطيسية, يحاول العلماء جمع تلك القوة مع القوة النووية الضعيفة باسم القوة الكهربائية الضعيفة (TheElectroweakForce) حيث لا يمكن فصل هاتين القوتين في درجات الحرارة العليا التي بدأ بها الكون, كذلك يحاول العلماء جمع القوة الكهربائية الضعيفة والقوة النووية الشديدة في قوة واحدة وذلك في عدد من النظريات التي تعرف باسم نظريات المجال الواحد أو النظريات الموحدة الكبر يTheGrandUnifiedTheorie)) ثم جمع كل ذلك مع قوة الجاذبية فيما يسمي باسم الجاذبية العظمي (Supergravity) التي يعتقد العلماء بأنها كانت القوة الوحيدة السائدة في درجات الحرارة العليا عند بدء خلق الكون, ثم تمايزت إلي القوي الأربع المعروفة لنا اليوم, والتي ينظر إليها علي أنها أوجه أربعة لتلك القوة الكونية الواحدة التي تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه, فالكون يبدو كنسيج شديد التلاحم والترابط, ورباطه هذه القوة العظمي الواحدة التي تنتشر في كافة أرجائه, وفي جميع مكوناته وأجزائه وجزيئاته, وهذه القوة الواحدة تظهر لنا في هيئة العديد من صور الطاقة, والطاقة هي الوحدة الأساسية في الكون, والمادة مظهر من مظاهرها, وهي من غير الطاقة لا وجود لها, فالكون عبارة عن المادة والطاقة ينتشران في كل من المكان والزمان بنسب وتركيزات متفاوتة فينتج عنها ذلك النسيج المحكم المحبوك في كل جزئية من جزئياته. الجاذبية العامة من الثوابت العلمية أن الجاذبية العامة هي سنة من سنن الله في الكون أودعها ربنا تبارك وتعالي كافة أجزاء الكون ليربط تلك الاجزاء بها, وينص قانون هذه السنة الكونية بأن قوة التجاذب بين أي كتلتين في الوجود تتناسب تناسبا طرديا مع حاصل ضرب كتلتيهما, وعكسيا مع مربع المسافة الفاصلة بينهما, ومعني ذلك أن قوة الجاذبية تزداد بازدياد كل من الكتلتين المتجاذبتين, وتنقص بنقصهما, بينما تزداد هذه القوة بنقص المسافة الفاصلة بين الكتلتين, وتتناقص بتزايدها, ولما كان لأغلب أجرام السماء كتل مذهلة في ضخامتها فإن الجاذبية العامة هي الرباط الحقيقي لتلك الكتل علي الرغم من ضخامة المسافات الفاصلة بينها, وهذه القوة الخفية( غير المرئية) تمثل النسيج الحقيقي الذي يربط كافة أجزاء الكون كما هو الحال بين الأرض والسماء وهي القوة الرافعة للسماوات باذن الله بغير عمد مرئية. وهي نفس القوة التي تحكم تكور الأرض وتكور كافة أجرام السماء وتكور الكون كله, كما تحكم عملية تخلق النجوم بتكدس أجزاء من الدخان الكوني علي بعضها البعض, بكتلات محسوبة بدقة فائقة, وتخلق كافة أجرام السماء الأخري, كما تحكم دوران الأجرام السماوية كل حول محوره, وتحكم جرية في مداره, بل في أكثر من مدار واحد له, وهذه المدارات العديدة لاتصطدم فيها أجرام السماء رغم تداخلاتها وتعارضاتها الكثيرة, ويبقي الجرم السماوي في مداره المحدد بتعادل دقيق بين كل من قوي الجذب إلي الداخل بفعل الجاذبية وبين قوي الطرد إلي الخارج بفعل القوة الطاردة( النابذة) المركزية. وقوة الجاذبية العامة تعمل علي تحدب الكون أي تكوره وتجبر كافة صور المادة والطاقة علي التحرك في السماء في خطوط منحنية( العروج), وتمسك بالأغلفة الغازية والمائية والحياتية للأرض, وتحدد سرعة الإفلات من سطحها, وبتحديد تلك السرعة يمكن إطلاق كل من الصواريخ والأقمار الصناعية. والجاذبية الكمية (QuantumGravity) تجمع كافة القوانين المتعلقة بالجاذبية, مع الأخذ في الحسبان جميع التأثيرات الكمية علي اعتبار أن إحداثيات الكون تتبع نموذجا مشابها للاحداثيات الأرضية, وأن ابعاد الكون تتبع نموذجا مشابها للأرض بأبعادها الثلاثة بالاضافة إلي كل من الزمان والمكان كبعد رابع.وعلي الرغم من كونها القوة السائدة في الكون( بإذن الله) فإنها لاتزال سرا من أسرار الكون, وكل النظريات التي وضعت من أجل تفسيرها قد وقفت دون ذلك لعجزها عن تفسير كيفية نشأة هذه القوة, وكيفية عملها, وإن كانت هناك فروض تنادي بأن جاذبية الأرض ناتجة عن دورانها حول محورها, وأن مجالها المغناطيسي ناتج عن دوران لب الأرض السائل والذي يتكون أساسا من الحديد والنيكل المنصهرين حول لبها الصلب والذي له نفس التركيب الكيميائي تقريبا, وكذلك الحال بالنسبة لبقية أجرام السماء. موجات الجاذبية منذ العقدين الأولين من القرن العشرين تنادي العلماء بوجود موجات للجاذبية من الإشعاع التجاذبي تسري في كافة أجزاء الكون, وذلك علي أساس أنه بتحرك جسيمات مشحونة بالكهرباء مثل الإليكترونات والبروتونات الموجودة في ذرات العناصر والمركبات فإن هذه الجسيمات تكون مصحوبة في حركتها باشعاعات من الموجات الكهرومغناطيسية, وقياسا علي ذلك فإن الجسيمات غير المشحونة( مثل النيوترونات) تكون مصحوبة في حركتها بموجات الجاذبية, ويعكف علماء الفيزياء اليوم علي محاولة قياس تلك الأمواج, والبحث عن حاملها من جسيمات أولية في بناء المادة يحتمل وجوده في داخل ذرات العناصر والمركبات, واقترحوا له اسم الجاذب أو الجرافيتون وتوقعوا أنه يتحرك بسرعة الضوء, وانطلاقا من ذلك تصوروا أن موجات الجاذبية تسبح في الكون لتربط كافة أجزائه برباط وثيق من نواة الذرة إلي المجرة العظمي وتجمعاتها إلي كل الكون, وأن هذه الموجات التجاذبية هي من السنن الأولي التي أودعها الله تعالي مادة الكون وكل المكان والزمان!! وهنا تجب التفرقة بين قوة الجاذبية (TheGravitationalForce) وموجات الجاذبية (TheGravitationalWaves), فبينما الأولي تمثل قوة الجذب للمادة الداخلة في تركيب جسم ماحين تتبادل الجذب مع جسم آخر, فإن الثانية هي أثر لقوة الجاذبية, وقد أشارت نظرية النسبية العامة إلي موجات الجاذبية الكونية علي أنها رابط بين المكان والزمان علي هيئة موجات تؤثر في حقول الجاذبية في الكون كما تؤثر علي الأجرام السماوية التي تقابلها وقد بذلت محاولات كثيرة لاستكشاف موجات الجاذبية القادمة إلينا من خارج مجموعتنا الشمسية ولكنها لم تكلل بعد بالنجاح. والجاذبية وموجاتها التي قامت بها السماوات والأرض منذ بدء خلقهما, ستكون سببا في هدم هذا البناء عندما يأذن الله( تعالي) بتوقف عملية توسع الكون فتبدأ الجاذبية وموجاتها في العمل علي انكماش الكون وإعادة جمع كافة مكوناته علي هيئة جرم واحد شبيه بالجرم الابتدائي الذي بدأ به خلق الكون وسبحان القائل: يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين (الأنبياء:104) نظرية الخيوط العظمي وتماسك الكون في محاولة لجمع القوي الأربع المعروفة في الكون( القوة النووية الشديدة والقوة النووية الضعيفة, والقوة الكهرومغناطيسية, وقوة الجاذبية) في صورة واحدة للقوة اقترح علماء الفيزياء مايعرف باسم نظرية الخيوط العظمي (TheTheoryOfSuperstrings) والتي تفترض أن الوحدات البانية للبنات الأولية للمادة من مثل الكواركات والفوتونات, والإليكترونات وغيرها) تتكون من خيوط طولية في حدود10 ــ35 من المتر, تلتف حول ذواتها علي هيئة الزنبرك المتناهي في ضآلة الحجم, فتبدو كما لو كانت نقاطا أو جسيمات, وهي ليست كذلك, وتفيد النظرية في التغلب علي الصعوبات التي تواجهها الدراسات النظرية في التعامل مع مثل تلك الأبعاد شديدة التضاؤل حيث تتضح الحاجة إلي فيزياء كمية غير موجودة حاليا, ويمكن تمثيل حركة الجسيمات في هذه الحالة بموجات تتحرك بطول الخيط, كذلك يمكن تمثيل انشطار تلك الجسيمات واندماجها مع بعضها البعض بانقسام تلك الخيوط والتحامها. وتقترح النظرية وجود مادة خفية (ShadowMatter) يمكنها أن تتعامل مع المادة العادية عبر الجاذبية لتجعل من كل شيء في الكون( من نواة الذرة إلي المجرة العظمي وتجمعاتها المختلفة إلي كل السماء) بناء شديد الإحكام, قوي الترابط, وقد تكون هذه المادة الخفية هي مايسمي باسم المادة الداكنة (DarkMatter) والتي يمكن أن تعوض الكتل الناقصة في حسابات الجزء المدرك من الكون, وقد تكون من القوي الرابطة له. وتفسر النظرية جميع العلاقات المعروفة بين اللبنات الأولية للمادة, وبين كافة القوي المعروفة في الجزء المدرك من الكون. وتفترض النظرية أن اللبنات الأولية للمادة ماهي إلا طرق مختلفة لتذبذب تلك الخيوط العظمي في كون ذي أحد عشربعدا, ومن ثم واذا كانت النظرية النسبية قد تحدثت عن كون منحن, منحنية فيه الابعاد المكانية الثلاثة( الطول, العرض, والارتفاع) في بعد رابع هو الزمن, فإن نظرية الخيوط العظمي تتعامل مع كون ذي أحد عشر بعدا منها سبعة أبعاد مطوية علي هيئة لفائف الخيوط العظمي التي لم يتمكن العلماء بعد من إدراكها وسبحان القائل: الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها والله قد أنزل هذه الحقيقة الكونية علي خاتم أنبيائه ورسله( صلي الله عليه وسلم) من قبل أربعة عشر قرنا, ولا يمكن لعاقل أن ينسبها إلي مصدر غير الله الخالق.
الأهرام 2001/09/17 | |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة السبت فبراير 12, 2011 12:01 am | |
| والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون بقلم الدكتور:زغـلول النجـار
يشيرالقرآن الكريم في عدد من آياته, الي الكون والي العديد من مكوناته( السماوات والأرض, وما بكل منهما من صور الأحياء والجمادات, والظواهر الكونية المختلفة), وتأتي هذه الآيات في مقام الاستدلال علي طلاقة القدرة الإلهية التي أبدعت هذا الكون, بجميع ما فيه ومن فيه, وفي مقام الاستدلال كذلك علي أن الإله الخالق الذي أبدع هذا الكون قادر علي إفنائه, وقادر علي إعادة خلقه من جديد, وذلك في معرض محاجة الكافرين والمشركين والمتشككين, وفي إثبات الألوهية لرب العالمين بغير شريك ولا شبيه ولا منازع. وكانت دعوي الكافرين منذ الأزل, والي يوم الدين, هي محاولة إنكار قضيتي الخلق والبعث بعد الإفناء, وهما من القضايا التي لا تقع تحت الإدراك المباشر للعلماء, علي الرغم من أن الله تعالي قد أبقي لنا في أديم الأرض, وفي صفحة السماء من الشواهد الحسية الملموسة ما يمكن أن يعين المتفكرين المتدبرين من بني الإنسان علي إدراك حقيقة الخلق, وحتمية الإفناء والبعث, ويبقي فهم تفاصيل ذلك في غيبة من الهداية الربانية شيئا من الضرب في الظلام, وفي ذلك يقول الحق( تبارك وتعالي) ردا علي الظالمين من الكافرين والمشركين والمتشككين من الجن والإنس: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا( الكهف:51).
وفي تشجيع الإنسان علي التفكر والتدبر في خلق السماوات والأرض يقول ربنا( تبارك وتعالي) في محكم كتابه: إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب* الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلي جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار( آل عمران:190 ـ191).
وكان لنزول هاتين الآيتين الكريمتين وما تلاهما من آيات في السورة نفسها, وقع شديد علي رسول الله( صلي الله عليه وسلم), الذي يروي عنه أنه قال عقب الوحي بها: ويل لمن قرأ هذه الآيات ثم لم يتفكر فيها. وواضح الأمر في ذلك أن التفكر في خلق السماوات والأرض فريضة إسلامية لابد من قيام نفر من المسلمين بها, لأنها عبادة من أجل وأعظم العبادات لله الخالق, ووسيلة من أعظم الوسائل للتعرف علي كل من حقيقة الخلق, وحتمية الافناء وضرورة البعث, وللتأكيد علي عظمة الخالق( سبحانه وتعالي), وعلي تفرده بالألوهية, والربوبية, والوحدانية, فالكون الذي نحيا فيه شاسع الاتساع, دقيق البناء, محكم الحركة, منضبط في كل أمر من أموره, مبني علي وتيرة واحدة من أدق دقائقه الي أكبر وحداته, وكون هذا شأنه لا يمكن لعاقل أن يتصور أنه قد وجد بمحض المصادفة, أو أن يكون قد أوجد نفسه بنفسه, بل لابد له من موجد عظيم, له من طلاقة القدرة, وكمال الحكمة, وشمول العلم ما أبدع به هذا الكون بكل ما فيه ومن فيه, وهذا الخالق العظيم لاينازعه أحد في ملكه, ولا يشاركه أحد في سلطانه, لأنه رب هذا الكون ومليكه, ولا يشبهه أحد من خلقه, لأنه( تعالي) خالق كل شيء, وهو بالقطع فوق كل خلقه, لا يحده المكان, ولا الزمان لأنه( سبحانه) خالقهما, ولا يشكله أي من المادة أو الطاقة, لأنه( تعالي) مبدعهما, ولا نعرف عن ذاته العلية إلا ما عرف به نفسه بقوله( عز من قائل): ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [ الشوري:11).
وقوله( سبحانه) مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله( صلي الله عليه وسلم): قل هو الله أحد, الله الصمد, لم يلد ولم يولد, ولم يكن له كفوا أحد( الإخلاص:1 ـ4). من هنا كان التفكر في خلق السماوات والأرض مدخلا عظيما من مداخل الإيمان بالله, ولذا حض عليه القرآن الكريم, كما حضت عليه السنة النبوية المطهرة حضا كثيرا.
تأكيد القرآن الكريم علي ما في السماوات والأرض من أدلة الخلق والإفناء والبعث يؤكد القرآن الكريم علي ما في السماوات والأرض من الأدلة, التي تنطق بطلاقة القدرة الإلهية في خلقهما وإبداعهما, كما تنطق بحتمية إفنائهما, وإعادة خلقهما من جديد في هيئة غير التي نراهما فيها اليوم, وذلك في عدد غير قليل من الآيات التي منها قوله( تعالي) وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق...( الأنعام:73).
وقوله( سبحانه): خلق الله السماوات والأرض بالحق, إن في ذلك لآية للمؤمنين( العنكبوت:44) وقوله( عز من قائل): ... ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمي, وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون( الروم:
وقوله( تعالي): ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم,إن في ذلك لآيات للعالمين (الروم:22). وقوله( سبحانه): وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلي في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم( الروم:27).
وقوله( سبحانه وتعالي): خلق السماوات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير( التغابن:3). وقوله( عز من قائل): خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل علي النهار ويكور النهار علي الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمي ألا هو العزيز الغفار ( الزمر:5).
وقوله( سبحانه): لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون (غافر:57). وقوله( تعالي) ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو علي جمعهم إذا يشاء قدير (الشوري:29).
وقوله( سبحانه وتعالي): وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين, ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون( الدخان:38 و39). تأكيد القرآن الكريم علي أن الله تعالي هو خالق السماوات والأرض وخالق كل شيء
جاءت مادة خلق بمشتقاتها في القرآن الكريم مائتين وإحدي وستين(261) مرة, لتأكيد أن عملية الخلق هي عملية خاصة بالله( تعالي) وحده, لا يشاركه فيها أحد, ولا ينازعه عليها أحد, ولا يقدر عليها أحد غيره( سبحانه وتعالي) إلا بإذنه, كذلك وردت لفظة السماء في القرآن الكريم بالإفراد والجمع في ثلاثمائة وعشر(310) مواضع, منها مائة وعشرون(120) مرة بصيغة الإفراد( السماء), ومائة وتسعون(190) مرة بصيغة الجمع( السماوات) معرفة وغير معرفة, كما وردت لفظة الأرض بمشتقاتها في أربعمائة وواحد وستين(461) موضعا, وذلك في مقامات كثيرة تؤكد أن الله( تعالي) هو خالق السماوات والأرض, وخالق كل شيء, من مثل قوله( عز من قائل): ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو علي كل شيء وكيل( الأنعام:102).
وقوله( سبحانه): ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين( الأعراف:54). وقوله( تعالي): إنه يبدأ الخلق ثم يعيده...( يونس:41) وقوله( سبحانه وتعالي): .... قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار( الرعد:16).
وقوله( تبارك وتعالي): .... وخلق كل شيء فقدره تقديرا( الفرقان:2) وقوله( عز من قائل): الله خالق كل شيء وهو علي كل شيء وكيل( الزمر:62). وقوله( سبحانه): ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأني تؤفكون( غافر:62).
وقوله( تعالي) إنا كل شيء خلقناه بقدر( القمر:49). وقوله( سبحانه وتعالي هو الله الخالق الباريء المصور...( الحشر:24). هذا, وقد أفاض القرآن الكريم في حسم قضيتي الخلق والبعث بنسبتهما الي الله( تعالي) وحده, وذلك لأن هاتين القضيتين كانتا من أصعب القضايا التي خاض فيها الجاحدون والمتشككون بغير علم ولا هدي عبر التاريخ, ولايزالون يستخدمون هذا الجحود والإنكار في معارضة قضية الإيمان بالله الخالق الباريء المصور, ويرد عليهم القرآن الكريم بقول الحق( تبارك وتعالي) أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون( النحل:17).
وقوله( تعالي) في السورة نفسها: والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون( النحل:20). وقوله( سبحانه وتعالي): واتخذوا من دونه آلهة لا يخقون شيئا وهم يخلقون( الفرقان:3)
وقوله( تبارك وتعالي): أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون, أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون( الطور:35 و36). وقوله( عز من قائل): قل هل من شركائكم من يبدأ الخق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأني تؤفكون( يونس:34).
وقوله( تعالي) أو لم يروا كيف يبديء الله الخلق ثم يعيده إن ذلك علي الله يسير, قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيء النشأة الآخرة إن الله علي كل شيء قدير( العنكبوت:19 ـ20).
موقف الحضارة الإسلامية من قضية الخلق بعد بعثة المصطفي( صلي الله عليه وسلم) انطلق المسلمون من الإيمان بحقيقة الخلق, وحتمية البعث, ليقيموا( علي أساس من تلك العقيدة الربانية الخالصة) أعظم حضارة في التاريخ, لأنها كانت الحضارة الوحيدة التي جمعت بين الدنيا والآخرة في معادلة واحدة, واستمرت لأكثر من عشرة قرون كاملة, تدعو الي عبادة الله( تعالي) بما أمر( علي التوحيد الخالص لذاته العلية, والتنزيه الكامل لأسمائه وصفاته عن الشبيه والشريك والمنازع), والي حسن القيام بواجبات الاستخلاف في الأرض, وإقامة عدل الله فيها, علي أساس من شرعه المنزل علي خاتم أنبيائه ورسله, والذي تعهد( سبحانه وتعالي) بحفظه بنفس اللغة التي أنزل بها( كلمة كلمة وحرفا حرفا) فحفظ حتي لا يكون للناس علي الله حجة بعد نزول هذا الوحي الخاتم, وتعهد الله( تعالي) بحفظه من الضياع أو التحريف. وبهذا الجمع المتزن بين وحي السماء والاجتهاد في كسب المعارف النافعة, حملت حضارة الإسلام مشاعل المعرفة في كل مناشط الحياة الدينية والعمرانية, وأقامت قاعدة صلبة للدين والعلم والتقنية, وآمنت بوحدة المعرفة, وبأن الحكمة هي ضالة المؤمن, أني وجدها فهو أولي الناس بها, فجمعت المعارف من مختلف مصادرها مهما تباعدت أماكنها, واختلفت الحضارات التي انبثقت عنها, ومعتقدات أصحابها, ولكنها لم تقبل تلك المعارف قبول التسليم, فقامت بغربلة تراث الإنسانية المتاح لها, بمعيار الإسلام العظيم القائم علي أساس من التوحيد الخالص لله, وذلك لتطهير هذا التراث من أدران الشرك والكفر والجحود بالله, وأضافت اليه إضافات أصيلة عديدة في كل المجالات, مما مثل القاعدة التي انطلقت منها النهضة العلمية والتقنية المعاصرة, كما يعترف بذلك عدد غير قليل من العلماء المعاصرين غربيين وشرقيين.
ولم يحل الإيمان بالغيب دون التقدم العلمي والتقني في الحضارة الإسلامية, بل حض عليه الإسلام حضا, واعتبره نمطا من أنماط عبادة الله( تعالي), والتفكر في خلقه, ووسيلة منهجية لاستقراء سنن الله في الكون, وتوظيفها في عمارة الأرض, وهي من واجبات الاستخلاف في الأرض, والوجه الثاني للعبادة التي يمثل وجهها الأول عبادة الله( تعالي) بما أمر, واتباع سنة خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله عليه وسلم).
موقف الحضارة المادية المعاصرة من قضية الخلق انطلقت الحضارة المادية المعاصرة في الأصل من بوتقة الحضارة الإسلامية, ولكن علي مغايرة من حضارة المسلمين, فإن الغرب بني حضارته علي أساس من المادية البحتة, فنبذ الدين, ووقف موقف المنكر لقضية الإيمان بالله, وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر, الرافض لكل أمر غيبي, في عداء صريح, واستهجان أوضح, فتنكب الطريق, وضل ضلالا بعيدا ـ علي الرغم من القدر الهائل من الكشوف العلمية, والانجازات التقنية المذهلة التي حققها, والتي يمكن أن تكون سببا في دماره في غيبة الالتزام الديني والروحي والأخلاقي, وصدق الله العظيم الذي أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق: فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتي إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون, فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين( الأنعام:44 ـ45).
وبنبذ الإيمان بالله, وصلت المجتمعات الغربية الي مستوي متدن من التحلل الأخلاقي, والانهيار الاجتماعي, ومجافاة الفطرة التي فطر الله الخلق عليها, في وقت ملكت فيه من أسباب الغلبة المادية ما يمكن أن يعينها علي الاستعلاء في الأرض, والتجبر علي الخلق, ونشر المظالم بغير مراعاة لرب أو مخافة من حساب, مما يمكن أن يهدد البشرية بالفناء...!! ولاتزال المعارف الإنسانية بصفة عامة, والعلمية منها بصفة خاصة, تكتب الي يومنا هذا, من منطلقات مادية صرفة, لا تؤمن إلا بالمدرك المحسوس, وتتنكر لكل ما هو فوق ذلك, فدارت بالمجتمعات الإنسانية في متاهات من الضياع, ضلت وأضلت, علي الرغم من الكم الهائل من المعلومات التي تحتويها, وروعة التقنيات التي أنجزتها.
وكان ضلال الحضارة المادية المعاصرة أبلغ ما يكون في القضايا التي لايمكن اخضاعها لإدراك الإنسان المباشر, من مثل قضايا الخلق والإفناء والبعث( خلق الكون, خلق الحياة, خلق الإنسان, ثم إفناء كل ذلك وإعادة خلقه من جديد), وهي من القضايا التي إذا خاض فيها الإنسان بغير هداية ربانية فإنه يضل ضلالا بعيدا, وصدق الله العظيم إذ يقول في الرد علي هؤلاء الظالمين من الكافرين والمشركين والمتشككين من الجن والإنس: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا( الكهف:51).
وعلي الرغم من تأكيد القرآن الكريم أن أحدا من الجن والإنس, لم يشهد خلق السماوات والأرض, ولا خلق نفسه, فإنه يؤكد ضرورة التفكر في خلق السماوات والأرض, وخلق الحياة لأن ذلك من أعظم الدلائل علي طلاقة القدرة الإلهية, وكمال الصنعة الربانية, وعلي كل من حتمية الآخرة وضرورة البعث والحساب والجنة والنار, وذلك لأن الخالق( سبحانه وتعالي) قد ترك لنا في صخور الأرض وفي صفحة السماء ما يمكن أن يعين الإنسان علي فهم قضيتي الخلق والبعث, بالرغم من محدودية قدراته الذهنية والحسية, واتساع الكون وضخامة أبعاده وتعقيد بنائه, وكذلك تعقيد بناء الجسد الإنساني وبناء خلاياه, وهي صورة رائعة لتسخير الكون للإنسان, وجعله في متناول إدراكه وحسه.
خلق السماوات والأرض في القرآن الكريم: من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة, لخص لنا ربنا( تبارك وتعالي) في صياغة كلية شاملة عملية خلق السماوات والأرض, وإفنائهما وإعادة خلقهما من جديد, في خمس آيات من القرآن الكريم علي النحو التالي: (1) والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون( الذاريات:47) (2) أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون( الأنبياء:30)
(3) ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين( فصلت:11) (4) يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين( الأنبياء:104) (5) يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار( إبراهيم:48)
وهذه الآيات الكريمات تشير الي أن الكون الذي نحيا فيه يتسع باستمرار, وإذا عدنا بهذا الاتساع الي الوراء مع الزمن فلابد أن يتكدس علي هيئة جرم واحد( مرحلة الرتق), وهذا الجرم الابتدائي انفجر بأمر من الله( مرحلة الفتق), فتحول الي غلالة من الدخان( مرحلة الدخان), خلقت منه الأرض والسماوات( مرحلة الإتيان), وأن الكون منذ لحظة انفجاره في توسع مستمر, وأن هذا التوسع سوف يتوقف في المستقبل الذي لا يعلمه إلا الله, بأمر منه( تعالي), فيبدأ الكون في الانطواء علي ذاته, والتكدس في جرم واحد كهيئة الجرم الابتدائي الأول, الذي بدأ منه خلق السماوات والأرض, فتتكرر عملية الانفجار والتحول الي الدخان الذي تخلق منه أرض غير أرضنا الحالية, وسماوات غير السماوات التي تظللنا في الحياة الدنيا, وهنا تنتهي رحلة الحياة الدنيا وتبدأ رحلة الآخرة, ومراحل الرتق والفتق والدخان, والاتيان بالسماوات والأرض, وتوسع السماء ثم طيها تعطينا كليات مراحل الخلق والإفناء والبعث دون الدخول في التفاصيل. وهذه الحقائق القرآنية لم يستطع الإنسان إدراك شيء منها إلا في أواخر القرن العشرين, مما يؤكد سبق القرآن الكريم للمعارف الإنسانية بأكثر من أربعة عشر قرنا, وهذا وحده مما يشهد للقرآن بأنه لايمكن إلا أن يكون كلام الله الخالق, كما يشهد لخاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين), بأنه كان موصولا بالوحي, معلما من قبل خالق السماوات والأرض, حيث إنه لم يكن لأحد علم بهذه الحقائق الكونية في زمن الوحي, ولا لقرون متطاولة من بعد نزوله, وتشهد هذه الآيات الخمس بدقة الإشارات الكونية الواردة في كتاب الله, وشمولها, وكمالها, وصياغتها صياغة معجزة يفهم منها أهل كل عصر معني من المعاني يتناسب مع المستوي العلمي للعصر, وتظل هذه المعاني تتسع باستمرار مع توسع دائرة المعرفة الإنسانية في تكامل لا يعرف التضاد, وهو من أبلغ صور الإعجاز العلمي في كتاب الله.
بدايات تعرف الإنسان علي ظاهرة توسع الكون الي مطلع العقد الثاني من القرن العشرين, ظل علماء الفلك ينادون بثبات الكون وعدم تغيره, في محاولة يائسة لنفي الخلق والتنكر للخالق( سبحانه وتعالي) حتي ثبت عكس ذلك بتطبيق ظاهرة دوبلر علي حركة المجرات الخارجة عن مجرتنا, ففي النصف الأول من القرن التاسع عشر, كان العالم النمساوي دوبلر C.Doppler قد لاحظ أنه عند مرور قطار سريع يطلق صفارته فإن الراصد للقطار يسمع صوتا متصلا ذا طبقة صوتية ثابتة, ولكن هذه الطبقة الصوتية ترتفع كلما اقترب القطار من الراصد, وتهبط كلما ابتعد عنه, وفسر دوبلر السبب في ذلك بأن صفارة القطار تطلق عددا من الموجات الصوتية المتلاحقة في الهواء, وأن هذه الموجات تتضاغط تضاغطا شديدا كلما اقترب مصدر الصوت, فترتفع بذلك طبقة الصوت, وعلي النقيض من ذلك, فإنه كلما ابتعد مصدر الصوت تمددت تلك الموجات الصوتية حتي تصل الي سمع الراصد, فتنخفض بذلك طبقة الصوت. كذلك لاحظ دوبلر أن تلك الظاهرة تنطبق أيضا علي الموجات الضوئية, فعندما يصل الي عين الراصد ضوء منبعث من مصدر متحرك بسرعة كافية, يحدث تغير في تردد ذلك الضوء, فإذا كان المصدر يتحرك مقتربا من الراصد فإن الموجات الضوئية تتضاغط وينزاح الضوء المدرك نحو التردد العالي( أي نحو الطيف الأزرق), وتعرف هذه الظاهرة باسم الزحزحة الزرقاء, وإذا كان المصدر يتحرك مبتعدا عن الراصد, فإن الموجات الضوئية تتمدد وينزاح الضوء المدرك نحو التردد المنخفض( أي نحو الطرف الأحمر من الطيف), وتعرف هذه الظاهرة باسم الزحزحة الحمراء, وقد اتضحت أهمية تلك الظاهرة عندما بدأ الفلكيون في استخدام أسلوب التحليل الطيفي للضوء القادم من النجوم الخارجة عن مجرتنا في دراسة تلك الأجرام السماوية البعيدة جدا عنا.
ففي سنة1914 م أدرك الفلكي الأمريكي سلايفر Slipher أنه بتطبيق ظاهرة دوبلر علي الضوء القادم الينا من النجوم, في عدد من المجرات البعيدة عنا, ثبت له أن معظم المجرات التي قام برصدها تتباعد عنا وعن بعضها البعض بسرعات كبيرة, وبدأ الفلكيون في مناقشة دلالة ذلك, وهل يمكن أن يشير الي تمدد الكون المدرك بمعني تباعد مجراته عنا وعن بعضها البعض بسرعات كبيرة؟ وبحلول سنة1925, تمكن هذا الفلكي نفسه Slipher من إثبات أن أربعين مجرة قام برصدها تتحرك فعلا في معظمها بسرعات فائقة متباعدة عن مجرتنا( سكة التبانة), وعن بعضها البعض.
وفي سنة1929 م تمكن الفلكي الأمريكي الشهير إدوين هبل Edwin Hubble من الوصول الي الاستنتاج الفلكي الدقيق الذي مؤداه: أن سرعة تباعد المجرات عنا تتناسب تناسبا طرديا مع بعدها عنا, والذي عرف من بعد باسم قانون هبل Hubble sLaw وبتطبيق هذا القانون تمكن هبل من قياس أبعاد العديد من المجرات, وسرعة تباعدها عنا, وذلك بمشاركة من مساعده ملتون هيوماسون Milton Humason الذي كان يعمل معه في مرصد جبل ولسون بولاية كاليفورنيا, وذلك في بحث نشراه معا في سنة1934 م. وقد أشار تباعد المجرات عنا وعن بعضها البعض, الي حقيقة توسع الكون المدرك, التي أثارت جدلا واسعا بين علماء الفلك, الذين انقسموا فيها بين مؤيد ومعارض حتي ثبتت ثبوتا قاطعا بالعديد من المعادلات الرياضية والقراءات الفلكية في صفحة السماء.
ففي سنة1917 م أطلق ألبرت أينشتاين A.Einstein نظريته عن النسبية العامة لشرح طبيعة الجاذبية, وأشارت النظرية الي أن الكون الذي نحيا فيه غير ثابت, فهو إما أن يتمدد أو ينكمش وفقا لعدد من القوانين المحددة له, وجاء ذلك علي عكس ما كان أينشتاين وجميع معاصريه من الفلكيين وعلماء الفيزياء النظرية يعتقدون, انطلاقا من محاولاتهم اليائسة لمعارضة الخلق, وقد أصاب أينشتاين الذعر عندما اكتشف أن معادلاته تنبيء, رغم أنفه, بأن الكون في حالة تمدد مستمر, ولذلك عمد الي إدخال معامل من عنده أطلق عليه اسم الثابت الكوني, ليلغي حقيقة تمدد الكون من أجل الادعاء بثباته واستقراره, ثم عاد ليعترف بأن تصرفه هذا كان أكبر خطأ علمي اقترفه في حياته. وقد قام العالم الهولندي وليام دي سيتر Williamde Sitter بنشر بحث في نفس السنة(1917 م) استنتج فيه تمدد الكون انطلاقا من النظرية النسبية ذاتها.
ومنذ ذلك التاريخ بدأ الاعتقاد في تمدد الكون يلقي القبول من أعداد كبيرة من العلماء, فقد أجبرت ملاحظات كل من سلايفر(1914 م), ودي سيتر(1917 م), وهبل ومساعده هيوماسون(1934 م) جميع الفلكيين الممارسين, وعددا من المشتغلين بالفيزياء النظرية, وفي مقدمتهم ألبرت أينشتاين, ومجموعة البحث العلمي بجامعة كمبردج, والمكونة من كل من هيرمان بوندي Herman Bondi وتوماس جولد Thomas Gol وفريد هويل Fred Hoyle والتي ظلت الي مشارف الخمسينيات من القرن العشرين تنادي بثبات الكون, أملي الاعتراف بحقيقة توسع الكون المدرك. وسبحان الله الخالق الذي أنزل في محكم كتابه قبل أكثر من ألف وأربعمائة من السنين قوله الحق: والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون( الذاريات:47).
وتشير هذه الآية الكريمة الي عدد من الحقائق الكونية التي لم تكن معروفة لأحد من الخلق, وقت تنزل القرآن الكريم, ولا لقرون متطاولة من بعد تنزله, منها: أولا: أن السماء بناء محكم التشييد, دقيق التماسك والترابط, وليست فراغا كما كان يعتقد الي عهد قريب, وقد ثبت علميا أن المسافات بين أجرام السماء مليئة بغلالة رقيقة جدا من الغازات التي يغلب عليها غاز الإيدروجين, وينتشر في هذه الغلالة الغازية بعض الجسيمات المتناهية في الصغر من المواد الصلبة, علي هيئة غبار دقيق الحبيبات, يغلب علي تركيبه ذرات من الكالسيوم, والصوديوم, والبوتاسيوم, والتيتانيوم, والحديد, بالإضافة الي جزيئات من بخار الماء, والأمونيا, والفورمالدهايد, وغيرها من المركبات الكيميائية. وبالإضافة الي المادة التي تملأ المسافات بين النجوم, فإن المجالات المغناطيسية تنتشر بين كل أجرام السماء لتربط بينها في بناء محكم التشييد, متماسك الأطراف, وهذه حقيقة لم يدركها العلماء إلا في القرن العشرين, بل في العقود المتأخرة منه. وعلي الرغم من رقة كثافة المادة في المسافات بين النجوم, والتي تصل الي ذرة واحدة من الغاز في كل سنتيمتر مكعب تقريبا من المسافات البينية للنجوم, والي أقل من ذلك بالنسبة للمواد الصلبة( الغبار الكوني), إذا ما قورن بحوالي مليون مليون مليون جزئ(1810) في كل سنتيمتر مكعب من الهواء عند سطح الأرض, فإن كمية المادة في المسافات بين النجوم تبلغ قدرا مذهلا للغاية, فهي تقدر في مجرتنا( سكة التبانة) وحدها بعشرة بلايين ضعف ما في شمسنا من مادة, مما يمثل حوالي5% من مجموع كتلة تلك المجرة.
ثانيا: إن في الإشارة القرآنية الكريمة والسماء بنيناها بأيد أي بقوة وحكمة واقتدار, تلميحا الي ضخامة الكون المذهلة, وإحكام صنعه, وانضباط حركاته, ودقة كل أمر من أموره, وثبات سننه, وتماسك أجزائه, وحفظه من التصدع أو الانهيار, فالسماء لغة هي كل ما علاك فأظلك, ومضمونا هي كل ما حول الأرض من أجرام ومادة وطاقة السماء, التي لايدرك العلم إلا جزءا يسيرا منها, ويحصي العلماء أن بالجزء المدرك من السماء الدنيا مائتي بليون من المجرات, بعضها أكبر كثيرا من مجرتنا( درب اللبانة أو سكة التبانة), وبعضها أصغر قليلا منها, وتتراوح أعداد النجوم في المجرات بين المليون والعشرة ملايين الملايين, وتمر هذه النجوم في مراحل من النمو مختلفة( الميلاد, الطفولة, الشباب, الكهولة, الشيخوخة ثم الوفاة), وكما أن لأقرب النجوم إلينا( وهي شمسنا) توابع من الكواكب والكويكبات, والأقمار, وغيرها فإن القياس يقتضي أن للنجوم الأخري توابع قد اكتشف عدد منها بالفعل, ويبقي الكثير مما لم يتم اكتشافه بعد.
ثالثا: تشير هذه الآية الكريمة الي أن الكون الشاسع الاتساع, الدقيق البناء, المحكم الحركة, والمنضبط في كل أمر من أموره, والثابت في سننه وقوانينه, قد خلقه الله( تعالي) بعلمه وحكمته وقدرته, وهو( سبحانه) الذي يحفظه من الزوال والانهيار, وهو القادر علي كل شيء. والجزء المدرك لنا من هذا الكون شاسع الاتساع بصورة لايكاد عقل الإنسان إدراكها( إذ المسافات فيه تقدر ببلايين السنين الضوئية), وهو مستمر في الاتساع اليوم والي ما شاء الله, والتعبير القرآني وإنا لموسعون يشير الي تلك السعة المذهلة, كما يشير الي حقيقة توسع هذا الكون باستمرار الي ما شاء الله, وهي حقيقة لم يدركها الإنسان إلا في العقود الثلاثة الأولي من القرن العشرين, حين ثبت لعلماء كل منالفيزياء النظرية والفلك أن المجرات تتباعد عنا وعن بعضها البعض بسرعات تتزايد بتزايد بعدها عن مجرتنا, وتقترب أحيانا من سرعة الضوء( المقدرة بحوالي ثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية). والمجرات من حولنا تتراجع متباعدة عنا, وقد أدرك العلماء تلك الحقيقة من ظاهرة انزياح الموجات الطيفية للضوء الصادر عن نجوم المجرات الخارجة عنا في اتجاه الطيف الأحمر( الزحزحة الي الطيف الأحمر, أو حتي دون الطيف الأحمر أحيانا), وقد أمكن قياس سرعة تحرك تلك المجرات في تراجعها عنا من خلال قياس خطوط الطيف لعدد من النجوم في تلك المجرات, وثبت أنها تتراوح بين60,000 كيلومتر في الثانية, و272,000 كيلومتر في الثانية. وقد وجد العلماء أن مقدار الحيود في أطياف النجوم الي الطيف الأحمر( أو حتي دون الأحمر في بعض الأحيان), يعبر عن سرعة ابتعاد تلك النجوم عنا, وأن هذه السرعة ذاتها يمكن استخدامها مقياسا لأبعاد تلك النجوم عنا.
رابعا: تشير ظاهرة توسع الكون الي تخلق كل من المادة والطاقة, لتملآ المساحات الناتجة عن هذا التوسع, وذلك لأن كوننا تنتشر المادة فيه بكثافات متفاوتة, ولكنها متصلة بغير انقطاع, فلايوجد فيه مكان بلا زمان, كما لايوجد فيه مكان وزمان بغير مادة وطاقة, ولا يستطيع العلم حتي يومنا هذا, أن يحدد مصدر كل من المادة والطاقة اللتين تملآن المساحات الناتجة عن تمدد الكون, بتلك السرعات المذهلة, ولا تأويل لها إلا الخلق من العدم.
خامسا: أدي إثبات توسع الكون الي التصور الصحيح بأننا اذا عدنا بهذا التوسع الي الوراء مع الزمن, فلابد أن تلتقي كل صور المادة والطاقة كما يلتقي كل من المكان والزمان في نقطة واحدة, وأدي ذلك الي الاستنتاج الصحيح بأن الكون قد بدأ من نقطة واحدة بعملية انفجار عظيم, وهو مما يؤكد أن الكون مخلوق له بداية, وكل ما له بداية فلابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية, كما يؤكد حقيقة الخلق من العدم, لأن عملية تمدد الكون تقتضي خلق كل من المادة والطاقة بطريقة مستمرة ـ من حيث لايدرك العلماء ـ وذلك ليملآ( في التو والحال) المسافات الناشئة عن عملية تباعد المجرات عن بعضها البعض بسرعات مذهلة, وذلك لكي يحتفظ الكون بمستوي متوسط لكثافته التي نراه بها اليوم, وقد أجبرت هذه الملاحظات علماء الغرب علي هجر معتقداتهم الخاطئة عن ثبات الكون, والتي دافعوا طويلا عنها, انطلاقا من ظنهم الباطل بأزلية الكون وأبديته, لكي يبالغوا في كفرهم بالخلق وجحودهم للخالق( سبحانه وتعالي).
هذه الاستنتاجات الكلية المهمة عن أصل الكون, وكيفية خلقه, وإبداع صنعه, وحتمية نهايته, أمكن الوصول اليها من ملاحظة توسع الكون, وهي حقيقة لم يتمكن الإنسان من إدراكها إلا في الثلث الأول من القرن العشرين, ودار حولها الجدل حتي سلم بها أهل العلم أخيرا, وقد سبق القرآن الكريم بإقرارها قبل أربعة عشر قرنا أو يزيد, ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرا لتلك الإشارة القرآنية الباهرة غير الله الخالق( تبارك وتعالي), فسبحان خالق الكون الذي أبدعه بعلمه وحكمته وقدرته, والذي أنزل لنا في خاتم كتبه, وعلي خاتم أنبيائه ورسله( صلي الله عليه وسلم) عددا من حقائق الكون الثابتة, ومنها تمدد الكون وتوسعه فقال( عز من قائل): والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ( الذاريات:47)
لتبقي هذه الومضة القرآنية الباهرة مع غيرها من الآيات القرآنية, شهادة صدق بأن القرآن الكريم كلام الله, وأن سيدنا ونبينا محمدا( صلي الله عليه وسلم) كان موصولا بالوحي, معلما من قبل خالق السماوات والأرض, وأن القرآن الكريم هو معجزته الخالدة الي قيام الساعة.
__________________ | |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة السبت فبراير 12, 2011 12:01 am | |
| طرق علمية لتحديد اتجاه القبلة
حسام عبد القادر
كيف نحدد اتجاه القبلة في أي مكان في العالم ؟ أثار هذا السؤال ضجة كبيرة جدًّا على مستوى المسلمين في جميع أنحاء العالم، وخاصة في مدينة سياتل بالولايات المتحدة، حيث ينقسم المسلمون هناك في تحديد القبلة، أثار هذا الموضوع الجمعية العربية للمساحة، فقامت بعمل ندوة استضافت فيها العميد عبد العزيز سلام الذي قام بعمل بحث موسع حول هذا الموضوع، حيث استطاع التوصل إلى تسع طرق علمية لتحديد اتجاه القبلة عن طريق حساب المثلثات وجداول الرياضيات، وحصل من الهيئة المصرية العامة للمساحة على تصديق رسمي بصحة هذه الطرق التسع. ونحن نعلم أن اتجاه القبلة هو اتجاه الكعبة الشريفة في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية، ويحتاج المسلم أن يعرف اتجاه القبلة في المكان الذي يتواجد فيه حتى يستقبلها أي يتجه نحوها كلما أراد أن يصلي، وذلك تنفيذًا لقوله تعالى:" قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوْهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ". (سورة البقرة الآية 144 )وقد جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة الذي أصدره قسم المساجد بوزارة الأوقاف المصرية في تعريف حد القبلة، أن القبلة لمن كان بمكة أو قريبًا منها هي عين الكعبة أي منتصفها أو هواؤها المحاذي لها من أعلاها أو من أسفلها فيجب عليه أن يستقبل عينها يقينًا إن أمكن وإلا اجتهد في إصابة عينها، والقبلة لمن كان بعيدًا عن مكة هي جهة الكعبة، فيجوز له الانتقال عن عين الكعبة يمينًا أو شمالاً، ولا بأس بالانحراف اليسير الذي لا تزول به المقابلة بالكلية بحيث يبقى شيء من سطح الوجه واصلاً بالكعبة. أما عن طرق حل هذه المسائل. فالطريقة الأولى حسابية باستخدام قوانين حل المثلث الكروي وذلك باستخدام قانون ( نصف الظل )، فثبت – مثلاً - أن اتجاه القبلة للراصد الموجود بمدينة الإسكندرية هو 135,5 درجة من اتجاه الشمال الحقيقي مع اتجاه دوران عقارب الساعة، وأما اتجاه القبلة للراصد في مدينة سياتل فهو 17,5 درجة من اتجاه الشمال الحقيقي مع اتجاه دوران عقارب الساعة. واتجاه القبلة للراصد الموجود في هونج كونج هو 285.1 درجة من اتجاه الشمال الحقيقي مع اتجاه دوران عقارب الساعة، وأما الطريقتان الثانية والثالثة فتتمَّان عن طريق حساب المثلثات باستخدام جداول خاصة بهذا العِلْم الرياضي، وقد ثبت من هاتين الطريقتين نفس الدرجات السابقة لاتجاه القبلة بالإسكندرية أو بسياتل أو بهونج كونج. وأما الطريقة الرابعة فتتم عن طريق استخدام كرة النجوم، حيث يحتاج المَلاَّح أثناء الإبحار إلى طريقة سريعة لتحديد اتجاه القبلة باستخدام كرة النجوم بدقة مقبولة بإذن الله تعالى، وهو ما يتم بها تحديد موقع الكعبة الشريفة بضبط خط عرض الكعبة الشريفة على موازيات الميل على كرة النجوم وخط طول الكعبة الشريفة. والطريقة الخامسة باستخدام " قرص النجوم"، وفيها يتم تحديد موقع الكعبة الشريفة على قرص النجوم بنفس الطريقة التي تمت على كرة النجوم بتوقيع خط عرض الكعبة الشريفة على موازيات الميل للجرم السماوي، وخط طول الكعبة الشريفة بالنسبة لموقع الراصد. والطريقة السادسة باستخدام " مخطوط ويرز "، وفيها يتم توقيع خط عرض الكعبة الشريفة على خط الأساس على تدريج ميل الجرم السماوي. والطريقة السابعة باعتبار موقع الكعبة الشريفة كنقطة مراجعة في بعض الأجهزة الملاحية، حيث توجد لدى بعض الأجهزة الملاحية مثل جهاز تحديد الموقع بواسطة الأقمار الصناعية إمكانية تخزين نقاط مراجعة مع القدرة على إعطاء اتجاه ومسافة هذه النقطة في أي لحظة، فيتم تخزين موقع الكعبة الشريفة في ذاكرة الجهاز كنقطة مراجعة وفي أي لحظة يراد معرفة اتجاه الصلة يتم طلب اتجاه ومسافة نقطة المراجعة هذه باستخدام طريقة السير على الدائرة العظمى. وأما الطريقة الثامنة فباستخدام ظاهرة تعامد الشمس على الكعبة الشريفة، فعندما تتعامد الشمس على مكة المكرمة يكون اتجاهها في هذه اللحظة هو اتجاه القبلة، والشمس تتعامد على الكعبة الشريفة مرتين سنويًّا، وذلك حينما يكون ميل الشمس مساويًا لخط عرض الكعبة الشريفة، وأثناء مرورها الزوالي فوق الكعبة الشريفة (لحظة أذان الظهر بمكة المكرمة) ويكون ارتفاع الشمس 90 درجة في تلك اللحظة للراصد الموجود بالمسجد الحرام بمكة المكرمة، وسيكون ذلك في يوم 28 مايو في الساعة 12 ظهرًا و17 دقيقة و52,8 ثانية بتوقيت كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ( التوقيت الصيفي )، ثم في يوم 15 يوليو في الساعة 12 ظهرًا و26 دقيقة و40,8 ثانية من كل عام بتوقيت كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ( التوقيت الصيفي)، وفى هذين اليومين ستكون الشمس مرئية بالنسبة لجميع سكان قارة أفريقيا وأوروبا وآسيا شرقًا حتى الفلبين والجزء الشمالي الغربي من قارة أستراليا وكل من يراها في تلك اللحظة المذكورة عاليه فإنه سيكون مستقبلاً للقبلة بإذن الله تعالى، ويمكن ملاحظة عمود إنارة مثلاً في تلك اللحظة ليدل على اتجاه القبلة وبذلك يمكن لكل مسلم أن يتأكد من مكانه ويعممه على طول العام، وأخيرًا الطريقة التاسعة هي خريطة الصلاة التي رسمها المركز الإسلامي بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي توضح اتجاه القبلة بالزوايا في جميع أنحاء العالم. الجدير بالذكر أن شيخ الأزهر شكَّل لجنة للفتوى لإعطاء فتوى نهائية بصحة الطرق التسع لتحديد اتجاه القبلة. __________________ | |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة السبت فبراير 12, 2011 12:02 am | |
| إشارات قرآنية إلى علوم الأرض
يشير القرآن الكريم في عدد من آيـاتـه إلى الكـون وإلى الأرض ، التي جاء ذكرها في أربعمائة وإحدى وستين آية كريمة ، منها ما يشير إلى الأرض ككل ، ومنها ما يشير إلى سطحها الخارجي الذي نحيا عليه أي إلى غلافها الصخري ، وهذه الآيات التي تضم عددا من حقائق علوم الأرض يمكن تبويبها في المجموعات التالية:
? آيات تأمر الإنسان بالسير في الأرض ، والنظر في كيفية بدء الخلق ، وهي أساس المنهجية العلمية في دراسة علوم الأرض ? آيات عديدة تشير إلى شكل وحركات وأصل الأرض ، منها ما يصف كروية الأرض ، ومنها ما يشير إلى دورانها ، ومنها ما يؤكد على عظم مواقع النجوم ، أو على حقيقة اتساع
الكون ، أو على بدء الكون بجرم واحد( مرحلة الرتق) ، ثم انفجار ذلك الجرم الأولي (مرحلة الفتق) أو على بدء السماء في مراحل خلقها الأول بغلالة دخانية (مرحلة السديم) ، أو على انتشار المادة بين السماء والأرض (المادة بين النجوم) أو على تطابق كل السماوات والأرض (أي تطابق الكون) ? آية قرآنية واحدة تؤكد على أن كل الحديد في كوكب الأرض قد أنزل إليها من السماء.
? آية قرآنية تؤكد على حقيقة أن الأرض ذات صدع ، وهي من الصفات الأساسية لكوكبنا .
? آيات قرآنية تتحدث عن عدد من الظواهر البحرية الهامة من مثل ظلمات البحار والمحيطات (ودور الأمواج الداخلية والخارجية في تكوينها) ، وتسجير بعض هذه القيعان بنيران حامية
، وتمايز المياه فيها إلى كتل متجاورة لا تختلط اختلاطا كاملا ، نظرا لوجود حواجز غير مرئية تفصل بينها ، ويتأكد هذا الفصل بين الكتل المائية بصورة أوضح في حالة التقاء كل من المياه العذبة والمالحة عند مصاب الأنهار ، مع وجوده بين مياه البحر الواحد أو بين البحار المتصلة ببعضها البعض ? آيات قرآنية تتحدث عن الجبال ، منها ما يصفها بأنها أوتاد ، وبذلك يصف كلا من الشكل الخارجي( الذي على ضخامته يمثل الجزء الأصغر من الجبل) والامتداد الداخلي (الذي يشكل غالبية
جسم الجبل) ، كما يصف وظيفته الأساسية في تثبيت الغلاف الصخري للأرض ، وتتأكد هذه الوظيفة في اثنتين وعشرين آية أخرى ، أو دورها في شق الأودية والفجاج أو في سقوط الأمطار وجريان الأنهار والسيول ، أو تكوينها من صخور متباينة في الألوان والأشكال والهيئة ? آيات قرآنية تشير إلى نشأة كل من الغلافين المائي والهوائي للأرض ، وذلك بإخراج مكوناتها من باطن الأرض ، أو تصف الطبيعة الرجعية الوقائية لغلافها الغازي ، أو تؤكد على حقيقة ظلام الفضاء الكوني الخارجي ، أو على تناقص الضغط الجوي مع الارتفاع عن سطح الأرض ، أو على أن ليل الأرض كان في بدء خلقها مضاء كنهارها. ? آيات تشير إلى رقة الغلاف الصخري للأرض ، وإلى تسوية سطحه وتمهيده وشق الفجاج والسبل فيه ، وإلى تناقص الأرض من أطرافها . ? آيات تؤكد على إسكان ماء المطر في الأرض مما يشير إلى دورة المياه حول الأرض وفي داخل صخــورها ، أو تؤكد على عــلاقة الحياة بالماء ، أو تلمح إلى إمكــانية تصنيف الكائنات الحية ? آيات تؤكد على أن عملية الخلق قد تمت على مراحل متعاقبة عبر فترات زمنية طويلة. ? آيات قرآنية تصف نهاية كل من الأرض والسماوات وما فيهما (أي الكـون كله) بعمليـة معاكسة لعملية الخلق الأول كما تصف إعادة خلقهما من جديد ، أرضا غير الأرض الحالية وسماوات غير السماوات القائمة هذه الحقائق العلمية لم تكن معروفة للإنسان قبل هذا القرن ، بل إن الكثير منها لم يتوصل الإنسان إليه إلا في العقود القليلة الماضية عبر جهود مضنية وتحليل دقيق لكم هائل من الملاحظات والتجارب العملية في مختلف جنبات الجزء المدرك من الكون ، وإن السبق القرآني في الإشارة إلى مثل هذه الحقائق بأسلوب يبلغ منتهى الدقة العلمية واللغوية في التعبير ، والإحاطة والشمول في الدلالة ليؤكد على جانب هام من جوانب الإعجاز في كتاب الله ، وهو جانب الإعجاز العلمي ، ومع تسليمنا بأن القرآن الكريم معجز في كل أمر من أموره، إلا أن الإعجاز العلمي يبقى من أنجع أساليب الدعوة إلى الله في عصر العلم ، ذلك العصر الذي لم يبق فيه من وحي السماء إلا القرآن الكريم ، بينما تعرضت كل الكتب السابقة على نزوله إما للضياع التام ؛ أو لضياع الأصول التي نقلت عنها إلى لغات غير تلك التي نزل الوحي السماوي بها ، فتعرضت لقدر هائل من التحريف الذي أخرجها عن إطارها الرباني على الرغم من إيماننـا بأصولها السماوية ، وتسليمنا بصدق تلك الأصول .ومن هنا تتضح أهمية القرآن الكريم في هداية البشرية في زمن هي أحوج ما تكون إلى الهداية الربانية كما تتضح أهمية دراسات الإعجاز العلمي في كتاب الله مهما تعددت تلك المجالات العلمية ، وذلك لأن إثبات صدق الإشارات القرآنية في القضايا الكونية مثل إشاراته إلى عدد من حقائق علوم الأرض ، وهي من الأمور المادية الملموسة التي يمكن للعلماء التجريبين إثباتها لأدعى إلى التسليم بحقائق القرآن الأخرى خاصة ما يرد منها في مجال القضايا الغيبية والسلوكية (من مثل قضايا العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات ) والتي لا سبيل للإنسان في الوصول إلى قواعد سليمة لها وإلى ضوابط صحيحة فيها إلا عن طريق بيـان ربـاني خالص لا يداخله أدنى قدر من التصور البشري. __________________ | |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة السبت فبراير 12, 2011 12:03 am | |
| موقف المفسرين من الآيات الكونية في القرآن الكريم - 1
القرآن يحض علي تدبر آياته ومعانيه والاجتهاد في تفسيره ضرورة بقلم الدكتور:زغلول النجار
طال الجدل حول جواز تفسير الاشارات الكونية الواردة في كتاب الله علي أساس من معطيات علوم العصر وفنونه, وتفاوتت مواقف العلماء من ذلك تفاوتا كبيرا بين مضيقين وموسعين ومعتدلين مما يمكن أن نوجزه فيما يلي:
موقف المضيقين:
وهو الموقف الذي يري أصحابه أن تفسير الآيات الكونية الواردة في كتاب الله, علي ضوء ماتجمع لدي الانسان من معارف هو نوع من التفسير بالرأي الذي لا يجوز استنادا إلي أقوال منسوبة لرسول الله( صلي الله عليه وسلم) منها: من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ ومن قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار وإلي أقوال منسوبة إلي كل من الخليفتين الراشدين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنهما من قول الأول أي سماء تظلني, وأي أرض تقلني ان قلت في كتاب الله برأيي وقول الثاني اتبعوا ماتبين لكم من هذا الكتاب فأعملوا به, ومالم تعرفوه فكلوه إلي ربه وكذلك استنادا إلي قول كل من سعيد بن المسيب وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الصحيح المنقول عن الأول انا لا نقول في القرآن شيئا وإلي الثاني لقد أدركت فقهاء المدينة وأنهم ليعظمون القول في التفسير. وإلي القول المنسوب إلي مسروق بن الأجدع( رضي الله عنه اتقوا التفسير فانما هو الرواية عن الله
الرد علي المضيقين:
فات أصحاب هذا الموقف المضيق أن المقصود بالرأي في الحديث هو الهوي, لا الرأي المنطقي المبني علي الحجة الواضحة والبرهان المقبول, ويؤكد ذلك عبارة بغير علم التي وردت في الحديث الثاني هذا بغض النظر عن كون الحديثين قد اعتبرا من ضعاف السند. كذلك فاتهم أن ماقد ورد علي لسان بعض الصحابة والتابعين مما يوحي بالتحرج من القول في القرآن الكريم بالرأي الاجتهادي, انما هو من قبيل الورع, والتأدب في الحديث عن كلام الله, خاصة أنهم كانوا قد فطروا علي فهم اللغة العربية, وفطنوا بها وبأسرارها, ودرجوا علي عادات المجتمع العربي ـ وألموا بأسباب النزول, وعايشوا رسول الله صلي الله عليه وسلم عن قرب وهو الموصول بالوحي ــ وسمعوه صلي الله عليه وسلم ــ وهو يتلو القرآن الكريم ويفسره, واستعانوا به علي فهم ماوقفوا دونه, وأدركوا تفاصيل سنته الشريفة في ذلك وغيره, فهل يمكن لمن توافر له كل ذلك أن يكون له مجال للاجتهاد بالرأي؟ خاصة أن العصر لم يكن عصر تقدم علمي كالذي نعيشه, وأنهم كانوا لايزالون قريبي عهد بالجاهلية التي كان قد خيم فيها علي شبه الجزيرة العربية, بل وعلي العالم أجمع ركام من العقائد الفاسدة, والتصورات الخاطئة, والافكار السقيمة, والأوهام والأساطير... ولم يسلم من ذلك الركام أحد, حتي أصحاب الحضارات البائدة. وأن العصر كان عصر انتشار للاسلام, ودخول للكثيرين من أصحاب العقائد واللغات الأخري في دين الله أفواجا, ومعهم خلفياتهم الفكرية الموروثة, والتي لم يتمكنوا من التخلص منها كلية بمجرد دخولهم في الاسلام, وأن أعدادا غير قليلة من هؤلاء كانوا قد دخلوا الاسلام ليأتمروا به ويتآمروا عليه, ويكيدوا له, بتأويل القرآن علي وجوه غير صحيحة, وبتفتيت وحدة الصف الاسلامي, وبث بذور الفرقة فيه, وكان من نتائج ذلك كله هذا الفكر الغريب الذي دس علي المسلمين والذي عرف فيما بعد بالاسرائيليات نسبة إلي السلالات الفاسدة من بني اسرائيل( أي اليهود) الذين كثر النقل عنهم, وكثر دسهم علي دين الله, وعلي أنبيائه ورسله( صلي الله وسلم عليهم أجمعين), وكان من نتائجه كذلك بروز الشيع والفرق والطرائق المختلفة, ومحاولة كل فرقة منها الانتصار لرأيها بالقرآن... وهذا هو الهوي الذي عبر عنه بالرأي فيما نسب من أقوال إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وإلي عدد من صحابته وتابعيهم( عليهم رضوان الله أجمعين).
اللهم فقهه في الدين
كذلك فقد فات هؤلاء, وهم ينادون بعدم الاجتهاد بالرأي في فهم كتاب الله, والوقوف عند حدود المأثور وهو مانقل عن رسول الله صلي الله عليه وسلم مباشرة, أو عن صحابته الكرام, أو عمن عاصر الصحابة من التابعين, موكلين مالم يفسره التراث المنقول إلي الله وهو ماعرف بمنهج التفسير بالمأثور أو التفسير بالمنقول, وكلنا يعلم أن التفسير بالمأثور لم يشمل القرآن كله, فلحكمة يعلمها الله ــ وقد ندرك طرفا منها اليوم ــ لم يقم رسول الله صلي الله عليه وسلم بالتنصيص علي المراد في كل آية من آيات القرآن الكريم, وأن صحابته الكرام كانوا يجتهدون في فهم مالم ينص عليه, وكانوا يختلفون في ذلك ويتفقون, وأن من الثابت أنه( صلي الله عليه وسلم) قد صوب رأي جماعة من أصحابه حين فسروا آيات من كتاب الله, وانه قد دعا لابن عباس بقوله اللهم فقهه في الدين, وعلمه التأويل, وان ذلك وغيره من الأقوال المأثورة قد اتخذ دليلا علي جواز الاجتهاد في التفسير في غير ما حدده رسول الله( صلي الله عليه وسلم فمما يروي عن علي( رضي الله عنه) حين سئل: هل خصكم رسول الله( صلي الله عليه وسلم) بشيء؟ انه قال: ما عندنا غير ما في هذه الصحيفة, وفهم يؤتاه الرجل في كتابه وهذا يؤكد علي ان فهم المسلمين لدلالة آيات القرآن الحكيم وتدبر معانيها هي ضرورة تكليفية لكل قادر عليها مؤهل للقيام بها, وذلك يقرره الحق تبارك وتعالي في قوله وهو أحكم القائلين: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب( ص29)
وهذه الآية الكريمة, وكثير غيرها من الآيات القريبة في المعني ـ أمر صريح من الله تبارك وتعالي بتدبر آيات القرآن الكريم وفهم معانيها, فالقرآن ينعي علي أولئك الذين لا يتدبرونه, ولا يستنبطون معانيه, وهذه آياته أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به, ولو ردوه إلي الرسول وإلي أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم.....[ النساء الآيتان83,82]. أفلا يتدبرون القرآن أم علي قلوب أقفالها( محمد الآية ـ24)
وقد ساق الامام الغزالي( يرحمه الله) الأدلة علي جواز فهم القرآن بالرأي( أي بالاجتهاد) ثم أضاف: فهذه الأمور تدل علي أن في فهم معاني القرآن مجالا رحبا, ومتسعا بالغا, وأن المنقول من ظاهر التفسير ليس منتهي الادراك فيه وبناء علي ذلك فقد أجاز الغزالي لكل انسان ان يستنبط من القرآن بقدر فهمه وحد عقله, ولو ان المبالغة في استخدام تلك الرخصة قد أفرزت نتاجا لم يكن كله مستساغا مقبولا لدي العلماء, مطابقا لمقاصد القرآن الكريم في الهداية, فقد خرج قوم من المفسرين بالآيات القرآنية( إما عن عمد واضح أو جهل فاضح) إلي مالا يقبله العقل القويم, والصحيح المنقول عن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) وعن أصحابه والتابعين لهم, وعن المنطق اللغوي وأساليب العرب في الأداء حقيقة ومجازا, وذلك لانطلاق الفرق المختلفة والمذاهب المتنوعة من غير أهل السنة والجماعة( من فقهية وكلامية, وصوفية وباطنية) من منطلق التعصب لمذاهبهم ومحاولاتهم إخضاع التفاسير لخدمة مللهم ونحلهم, مما أدي إلي الموقف المتشدد من القول في القرآن بالرأي, ومن ثم رفض تفسير الآيات الكونية الواردة في كتاب الله علي أساس من معطيات المعارف الانسانية المكتسبة في حقل العلوم البحتة والتطبيقية.
الدعوة إلي الاجتهاد في التفسير
هناك أعداد كبيرة من علماء المسلمين الذين اقتنعوا بضرورة الاجتهاد في تفسير كتاب الله, ولكنهم حصروا ذلك في مناهج محددة منها المنهج اللغوي الذي يهتم بدلالة الالفاظ, وطرائق التعبير وأساليبه والدراسات النحوية المختلفة, والمنهج البياني الذي يحرص علي بيان مواطن الجمال في أسلوب القرآن, ودراسة الحس اللغوي في كلماته, والمنهج الفقهي الذي يركز علي استنباط الاحكام الشرعية والاجتهادات الفقهية, كما أن من هؤلاء المفسرين من نادي بالجمع بين تلك المناهج في منهج واحد عرف باسم المنهج الموسوعي( أو المنهج الجمعي), ومنهم من نادي بتفسير القرآن الكريم حسب الموضوعات التي اشتمل عليها, وذلك بجمع الآيات الواردة في الموضوع الواحد في كل سور القرآن, وتفسير واستنباط دلالاتها استنادا الي قاعدة أن القرآن يفسر بعضه بعضا, وقد عرف ذلك باسم المنهج الموضوعي في التفسير.
من مبررات رفض المنهج العلمي للتفسير
اما المنهج العلمي في التفسير والذي يعتمد علي تفسير الاشارات الكونية الواردة في كتاب الله تعالي حسب اتساع دائرة المعرفة الانسانية من عصر الي عصر وتبعا للطبيعة التراكمية لتلك المعرفة فقد ظل مرفوضا من غالبية المجتهدين في التفسير وذلك لأسباب كثيرة منها:
(1) أن الإسرائيليات كانت قد نفذت أول ما نفذت إلي التراث الإسلامي عن طريق محاولة السابقين تفسير تلك الاشارات الكونية الواردة في كتاب الله, وذلك لأن الله تعالي قد شاء أن يوكل الناس في أمور الكشف عن حقائق هذا الكون إلي جهودهم المتتالية جيلا بعد جيل, وعصرا بعد عصر..., ومن هنا جاءت الاشارات الكونية في القرآن الكريم بصيغة مجملة, يفهم منها أهل كل عصر معني من المعاني, وتظل تلك المعاني تتسع باستمرار في تكامل لا يعرف التضاد, ومن هنا أيضا لم يقم رسول الله( صلي الله عليه وسلم) بالتنصيص علي المراد منها في أحاديثه الشريفة, التي تناول بها شرح القرآن الكريم, ولكن لما كانت النفس البشرية تواقة دوما إلي التعرف علي أسرار هذا الوجود, ولما كان الانسان قد شغل منذ القدم بتساؤلات كثيرة عن نشأة الكون, وبداية الحياة, وخلق الإنسان ومتي حدث كل ذلك, وكيف تم, وما هي أسبابه؟, وغير ذلك من أسرار الوجود.., فقد تجمع لدي البشرية في ذلك تراث ضخم, عبر التاريخ اختلط فيه الحق بالباطل, والواقع بالخيال, والعلم بالدجل والخرافة, وكان أكثر الناس حرصا علي هذا النوع من المعرفة المكتسبة هم رجال الدين في مختلف العصور, وقد كانت الدولة الاسلامية في أول نشأتها محاطة بحضارات عديدة تباينت فيها تلك المعارف وأمثالها ثم بعد اتساع رقعة الدولة الاسلامية واحتوائها لتلك الحضارات المجاورة, ودخول أمم من مختلف المعتقدات السابقة علي بعثة المصطفي ـ صلي الله عليه وسلم ـ الي دين الله.. ووصول هذا التراث إلي قيامهم علي ترجمته ونقده والاضافة اليه. حاول بعض المفسرين الاستفادة به في شرح الاشارات الكونية الواردة بالقرآن الكريم فضلوا سواء السبيل لأن العصر لم يكن بعصر تطور علمي كالذي نعيشه اليوم, ولأن هذا التراث كان أغلبه في أيدي اليهود, وهم الذين ائتمروا علي الكيد للاسلام منذ بزوغ فجره, وأن النقل قد تم عمن اسلم ومن لم يسلم منهم, علي الرغم من تحذير رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله: إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولاتكذبوهم, فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه, وأما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه.
ويفسر ابن خلدون أسباب نقل هذه الاسرائيليات بقوله: والسبب في ذلك أن العرب لم يكونوا أهل كتاب, ولاعلم, وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية, واذا تشوقوا الي معرفة شيء مما تتشوق اليه النفوس البشرية: في أسباب المكونات, وبدء الخليقة, وأسرار الوجود, فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم, ويستفيدون منهم, وهم أهل التوراة من اليهود, ومن تبع دينهم من النصاري, وأهل التوارة الذين بين العرب يومئذ وهم بادية مثلهم ولايعرفون من ذلك إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب, ومعظمهم من حمير الذين أخذوا بدين اليهودية, فلما أسلموا بقوا علي ما كان عندهم مما لاتعلق له بالأحكام الشرعية التي يحتاطون لها... 2 ــ أن القرآن الكريم هو في الأصل كتاب هداية ربانية, أي كتاب عقيدة وعبادة وأخلاق ومعاملات, بمعني آخر هو كتاب دين الله الذي أوحي به الي سائر انبيائه ورسله وتعهد الله تعالي بحفظه فحفظ, فعلي ذلك لابد من التأكيد أن القرآن الكريم ليس كتاب علم تجريبي, وأن الاشارات العلمية التي وردت به جاءت في مقام الارشاد والموعظة لا في مقام البيان العلمي بمفهومه المحدد, وأن تلك الاشارات ــ علي كثرتها ــ جاءت في أغلب الاحيان مجملة, وذلك بهدف توجيه الانسان الي التفكير والتدبر وامعان النظر في خلق الله, لابهدف الإخبار العلمي المباشر. 3 ــ أن القرآن الكريم ثابت لايتغير بينما معطيات العلوم التجريبية دائمة التغير والتطور وان ما تسمي بحقائق العلم ليست سوي نظريات وفروض يبطل منها اليوم ما كان سائدا بالامس, وربما في الغد ماهو سائد اليوم وبالتأكيد فلا يجوز الرجوع إليها عند تفسير كتاب الله العزيز لانه لايجوز تأويل الثابت بالمتغير. 4 ـ ان القرآن الكريم هو بيان من الله, بينما معطيات العلوم التجريبية لاتعدو ان تكون محاولة بشرية للوصول الي الحقيقة, ولايجوز ــ في ظنهم ـ رؤية كلام الله في اطار محاولات البشر, كما لايجوز الانتصار لكتاب الله تعالي بمعطيات العلوم المكتسبة لأن القرآن الكريم بصفته كلام الله هو حجة علي البشر كافة, وعلي العلم واهله.
5 ــ أن العلوم التجريبية تصاغ في أغلب دول العالم اليوم صياغة تنطلق كلها من منطلقات مادية بحت, تفكر أو تتجاهل الغيب, ولا تؤمن بالله, وأن للكثيرين من المشتغلين بالعلوم الكونية( البحت والتطبيقية) مواقف عدائية واضحة من قضية الايمان بالله تعالي وبملائكته وكتبه ورسله, وبالقدر خيره وشره, وبحياة البرزخ وبالبعث والنشور والحساب وبالحياة الخالدة في الدار الآخرة إما في الجنة أبدا أو في النا ر ابدا. 6 ــ أن بعض معطيات العلوم التجريبية قد يتباين مع عدد من الأصول الثابتة في الكتاب والسنة نظرا لصياغتها من منطلقات مادية بحت منكرة لكل حقائق الغيب أو متجاهلة لها. 7 ـ أن عددا من المفسرين الذين تعرضوا لتأويل بعض الاشارات الكونية الواردة في كتاب الله قد تكلفوا في تحميل الآيات من المعاني مالا تحمله في تعسف واضح وتكلف مفتعل علي أعناق الكلمات والآيات وتحميلها من المعاني مالا تحمله.
الرد علي الرافضين للمنهج العلمي في التفسير
ان حجج المعارضين للمنهج العلمي للتفسير والتي أوردناها في الفقرات السابقة هي كلها حجج مردودة حجة بحجة كما يلي: 1 ــ انه لاحاجة بنا اليوم الي الاسرائيليات في تفسير آيات الكونيات, لأن الرصيد العلمي في مختلف تلك المعارف قد بلغ اليوم شأوا لم يبلغه من قبل, واذا كان من استخدم الاسرائيليات في تفسيره من الأوائل قد ضل سواء السبيل, فان من يستخدم حقائق العلم الثابتة, ومشاهداته المتكررة في شرح تلك الآيات لابد أن يصل الي فهم لها لم يكن من السهل الوصول اليه من قبل, وأن يجد في ذلك من صور الاعجاز مالم يجده السابقون, تأكيدا لوصف رسول الله صلي الله عليه وسلم للقرآن بأنه لاتنقضي عجائبه ولايخلق من كثرة الرد. 3 ــ انه لاتعارض البتة بين كون القرآن الكريم كتاب هداية ربانية, وارشادا إلهيا ودستور عقيدة وعبادة واخلاقا ومعاملات وكتاب تشريع سماوي يشمل نظاما كاملا للحياة, وبين احتوائه علي عدد من الاشارات العلمية الدقيقة التي وردت في مقام الاستدلال علي عظمة الخالق وقدرته في إبداعه للخلق, وقدرته علي افناء ما قد خلق, وإعادة كل ذلك من جديد, وذلك لأن الاشارات تبقي بيانا من الله, خالق الكون ومبدع الوجود, فلابد وأن تكون حقا مطلقا, لأنه من أدري بالخليقة من الخالق سبحانه وتعالي) ولو أن المسلمين وعووا هذه الحقيقة منذ القدم لكان لهم في مجال الدراسات الكونية سبق ملحوظ, وثبات غير ملحوق فنحن ندرك اليوم ــ وفي ضوء ماتجمع لنا من معارف في مجال دراسات العلوم البحتة والتطبيقية ــ أن آيات الكونيات في كتاب الله تتسم جميعها بالدقة المتناهية في التعبير والشمول في المعني, والاطراد والثبات في الدلالة والسبق لكثير من الكشوف العلمية بعشرات المئات من السنين وفي ذلك شهادة قاطعة لايستطيع ان ينكرها جاحد بأن القرآن لايمكن أن يكون إلا كلام الله الخالق.
أما القول بأن تلك الاشارات قد تم سردها بصورة مجملة, فانها بحق احدي صور الاعجاز العلمي والبياني في القران الكريم, وذلك لأن كل اشارة علمية وردت فيه قد صيغت صياغة فيها من اعجاز الايجاز والدقة في التعبير والاحكام في الدلالة, والشمول في المعني ما يمكن الناس علي اختلاف ثقافاتهم وتباين مستويات ادراكهم وتتابع اجيالهم وأزمانهم ان يدركوا لها من المعاني مايتناسب وهذه الخلفيات كلها, بحيث تبقي المعاني المستخلصة من الآية الواحدة يكمل بعضها بعضا في تناسق عجيب.. وتكامل أعجب لانه تكامل لايعرف التضاد وهذا عندي من أروع صور الاعجاز في كتاب الله فالاجمال في تلك الاشارات مع وضوح الحقيقة العلمية للاجيال المتلاحقة, كل علي قدر حظه من المعرفة بالكون وعلومه هي بالقطع امر فوق طاقة البشر وصورة من صور الاعجاز لم تتوافر ولايمكن ان تتوافر لغير كلام الله الخالق, ومن هنا كان فهم الناس للاشارات العلمية الواردة بالقرآن الكريم علي ضوء مايتجمع لديهم من معارف, فهما يزداد اتساعا وعمقا جيلا بعد جيل, وهذا في حد ذاته شهادة للقرآن الكريم بأنه لاتنتهي عجائبه, ولايبلي علي كثرة الرد كما وصفه المصطفي( صلي الله عليه وسلم). وقد أدرك نفر من السابقين ذلك وفي مقدمتهم الامام المزركشي الذي كتب في كتابه البرهان في علوم القرآن مانصه.. وما من برهان ودلالة وتقسيم, وتحديد شيء من كليات المعلومات العقلية والسمعية إلا وكتاب الله تعالي قد نطق به, لكن أورده تعالي علي عادة العرب دون دقائق طرق أحكام المتكلمين لأمرين: أحدهما بسبب ماقاله سبحانه وتعالي: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم[ سورة ابراهيم:4]
والثاني أن المائل إلي دقيق المحاجة هو العاجز عن إقامة الحجة بالجليل من الكلام, فان استطاع أن يفهم بالأوضح الذي يفمهه الأكثرون لم يتخط إلي الأغمض الذي لايعرفه إلا الأقلون, وكذلك أخرج تعالي مخاطباته في محاجة خلقه من أجل صورة تشتمل علي أدق دقيق لتفهم العامة من جليلها مايقنعهم الحجة, وتفهم الخواص من أينائها مايوفي علي ما أدركه الخطباء.... ثم يضيف: ومن ثم كان علي كل من أصاب حظا في العلم أوفر أن يكون نصيبه من علم القرآن أكثر, لأن عقله حينئذ يكون قد استنار بأضواء العلم, وهؤلاء الذين اهتم القرآن بمناداتهم كلما ذكر حجة علي الربوبية والوحدانية, أو أضاف اليهم أولو الألباب والسامعون والمفكرون والمتذكرون تنبيها إلي أن بكل قوة من هذه القوي يمكن ادراك حقيقة منها. من هنا كان واجب المتخصصين من المسلمين في كل عصر وفي كل جيل أن ينفر منهم من يستطيع أن يجمع إلي حقل تخصصه الماما بحد أدني من علوم اللغة العربية وآدابها, ومن الحديث وعلومه, والفقه وأصوله, وعلم الكلام وقواعده, واحاطة بأسباب النزول, وبالمأثور في التفسير, وباجتهاد السابقين من آئمة المفسرين, ثم يعود هؤلاء إلي دراسة الاشارات الكونية الواردة في كتاب الله ـ كل فيما يخصه ـ محاولين فهمها في ضوء معطيات العلم وكشوفه, وقواعد المنطق وأصوله حتي يدركوا ما يستطيعون من فهم لكتاب الله حتي تتحقق نبوءة المصطفي( صلي الله عليه وسلم) في وصفه لكتاب الله أنه لاتنتهي عجائبه..
(3) ان القول بعدم جواز تأويل الثابت بالمتغير قول ساذج, لأن معناه الجمود علي فهم واحد لكتاب الله, ينأي بالناس عن واقعهم في كل عصر, حتي لايستسيغوه فيملوه ويهملوه, وثبات القرآن الكريم.. وهو من السمات البارزة له لايمنع من فهم الاشارات الكونية الواردة فيه علي أساس من معطيات العلوم الكونية البحتة منها والتطبيقية, حتي ولو كان ذلك يتسع من عصر إلي آخر بطريقة مطردة, فالعلوم المكتسبة كلها لها طبيعة تراكمية, ولا يتوافر للانسان منها في عصر من العصور إلا أقدار تتفاوت بتفاوت الأزمنة, وتباين العصور, تقدما واضمحلالا, وهذه الطبيعة التراكمية للمعرفة الانسانية المكتسبة تجعل الأمم اللاحقة أكثر علما ـ بصفة عامة ـ من الأمم السابقة, إلا إذا تعرضت الحضارة الانسانية بأكملها للانتكاس والتدهور. من هنا كانت معطيات العلوم الكونية ـ بصفة خاصة, والمعارف المكتسبة كلها بصفة عامة ـ دائمة التغير والتطور, بينما كلمات وحروف ـ القرآن الكريم ثابتة لاتتغير, وهذا وحده من أعظم شواهد الإعجاز في كتاب الله. وعلي الرغم من ثبات اللفظ القرآني, وتطور الفهم البشري لدلالاته ـ مع اتساع دائرة المعرفة الانسانية جيلا بعد جيل ـ فإن تلك الدلالات يتكامل بعضها مع بعض في اتساق لايعرف التضاد, ولايتوافر ذلك لغير كلام الله, إلا إذا كان المفسر لايأخذ بالأسباب, أو يسيء استخدام الوسائل فيضل الطريق....!! ويظل اللفظ القرآني ثابتا, وتتوسع دائرة فهم الناس له عصرا بعد عصر.. وفي ذلك شهادة للقرآن الكريم بأنه يغاير كافة كلام البشر, وأنه بالقطع بيان من الله.... ولذلك فاننا نجد القرآن الكريم يحض الناس حضا علي تدبر أياته, والعكوف علي فهم دلالاتها, ويتحدي أهل الكفر والشرك والإلحاد أن يجدوا فيه صورة واحدة من صور الاختلاف أو التناقض علي توالي العصور عليه, وكثرة النظر فيه, وصدق الله العظيم إذ يقول: أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. [ النساء82]
واذ يكرر التساؤل التقريعي في سورة الرحمن إحدي وثلاثين مرة فبأي آلاء ربكما تكذبان, ويؤكد ضرورة تدبر القرآن وانه تعالي قد جعله في متناول عقل الإنسان فيذكر ذلك أربع مرات في سورة القمر حيث يصدع التنزيل بقول الحق تبارك وتعالي) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر [ القمر: الايات17 و22 و32 و40] والذكر هنا ـ كما يجمع المفسرون ـ يشمل التلاوة والتدبر معا, ويشير إلي استمرار تلك العملية مع تبادل العصور وتجدد الأزمان, ومن هنا يبقي النص القرآني ثابتا ويتجدد, فهم الناس له كلما اتسعت دائرة معارفهم ونمت حصيلتهم العلمية, وذلك بالقطع ـ فيما لم يرد في شرحه شيء من المأثور الموثق, وليس في ذلك مقابلة بين كلام الله وكلام الناس ـ كما يدعي البعض ولكنه المحاولة الجادة لفهم كلام الله وهو الذي أنزله الله تعالي للبشر لكي يفهموه ويتعظوا بدروسه, وفهمه في نفس الوقت هو صورة من صور الاعجاز في كتاب الله, لاينكرها إلا جاحد. أما القول بأن مايسمي بحقائق العلم ليس إلا نظريات وفروضا, يبطل منها اليوم ما كان سائدا بالأمس, وربما يبطل في الغد ماهو سائد اليوم فهو أيضا قول ـ ساذج لأن هناك فروقا واضحة بين الفروض والنظريات من جهة والقواعد والقوانين من جهة أخري, وهي مراحل متتابعة في منهج العلوم التجريبية الذي يبدأ بالفروض ثم النظريات وينتهي بالقواعد والقوانين, والفروض هي تفسيرات أولية للظواهر الكونية, والنظريات هي صياغة عامة لتفسير كيفية حدوث تلك الظواهر ومسبباتها, أما الحقائق الكونية فهي مايثبت ثبوتا قاطعا في علم الإنسان بالأدلة المنطقية المقبولة وهي جزء من الحكمة التي نحن أولي الناس بها, وكذلك القوانين العلمية فهي تعبيرات بشرية عن السنن الإلهية في الكون, تصف علاقات محددة تربط بين عناصر الظاهرة الواحدة, أو بين عدد من الظواهر الكونية المختلفة, وهي كذلك جزء من الحكمة التي أمرنا بأن نجعلها ضالة المؤمن.
| |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة السبت فبراير 12, 2011 12:03 am | |
| المادة وقرين المادة
نحن نعلم أن العزيز الحكيم خلق الإنسان وجعل منه زوجين ذكرا وأنثى قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) حتى يكون للإنسان رفيق وحتى ليزداد التعارف والمودة بين خلقه . ولم يقتصر هذا النظام على الإنسان فقط بل تعداه ليشمل مملكة الحيوان فقد جاء فيهما قال تعالى : ( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى * من نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى) وقول الله تعالى : ( قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) وكذلك مملكة النبات قال تعالى : ( وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) فالإنسان والشطر الأكبر من فصائل الحيوان والنبات خلقوا جميعا في صورة الذكر والأنثى , هذا ما يخبرنا به القرآن وهو ما تعلمناه في علوم الأحياء .
وبالإضافة إلى ذلك نرى في الآية التالية شمولا أكبر وأعم قال تعالى : ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فكلمة " شيء " هنا فهمها من قبلنا ويفهمها أكثرنا على أنها تشمل الإنسان والحيوان والنبات فقد جميع القرآن ذكرهم في هذه الآية وأخبرنا بأنه جعل من كل المخلوقات الحية زوجين . وقد يكون الأمر كذلك , ولكنا إذا أمعنا النظر لوجدنا أن كلمة " شيء " فيها شمول أكثر من النبات والحيوان والإنسان , أنها تشمل الجماد أيضا . فهل في الجماد زوجان ؟ من أجل الإجابة على هذا السؤال نحتاج لنزهة قصيرة في فيزياء الجسيمات . في النصف الأول من القرن العشرين كان أحد الفيزيائين الإنجليز – واسمه ديراك Dirak - يقوم بأبحاث على معادلات الالكترونات , والالكترونات كما نعلم هي الجسيمات السالبة الشحنة التي تدور حول نواه الذرة , وفي أثناء قيامه بهذه الأبحاث اكتشف أن المعادلات لها حلين وليس حل واحد . وأي واحد منا تعامل مع معادلات الدرجة الثانية يستطيع أن يدرك بسهوله هذا الموقف . فمعادلات الدرجة الثانية تحتوي على مربع كمية مجهولة , والكمية المربعة دائما موجبة , فحاصل ضرب 2x2 يعطى 4 كذلك حاصل ضرب -2 x -2 يعطى أيضا نفس النتيجة . ومعنى ذلك أن الجذر التربيعي لــ 4 هو أما 2 أو - 2 . وقد كانت معادلات ديراك أكثر تعقيدا من هذا المثال ولكن المبدأ هو نفسه , فقد حصل على مجموعتين من المعادلات إحداهما للاكترونات السالبة الشحنة والأخرى لجسم مجهول ذو شحنة موجبة . وقد قام ديراك ببعض المحاولات الغير ناجحة لتفسير سر هذا الجسيم المجهول , فقد كان يؤمن بوجوده , ولكن الفيزيائيون تجاهلوا بعد ذلك فكرة وجود جسيم موجب الشحنة ممكن أن يكون قرينا للالكترونات تماما كما يتجاهل المهندس الذي يتعامل مع معادلات الدرجة الثانية الحلول التي تعطى أطوالا أو كتلا سالبة . وبعد عدة سنوات من أعمال ديراك النظرية وفي أوائل الثلاثينات اكتشف أثار هذا الجسيم المجهول في جهاز يسمى بغرفة الضباب ( cloud chambre ) , وعند دراسة تأثير المجال المغناطيسي على هذه الآثار اكتشف أن كتلة ذلك الجسيم تساوي كتلة الالكترون وانه يحمل شحنة موجبة ومساوية لشحنة الالكترون وعندئذ سمى هذا الجسيم بقرين الالكترون ( Antielectron ) أو بالبوزترون ( Positron ) ومن ثم بدأ البحث عن قرائن الجسيمات الأخرى فمعنى وجود قرين للالكترون وجود قرائن للجسيمات الأخرى , وفعلا بدأ اكتشاف هذه القرائن الواحد يلي الآخر وبدأ تقسيمها إلى أنواع لن ندخل في تفاصيلها وسوف نكتفي بذكر نتيجتها النهائية وهي وجود قرين لكل جسيم بل ولكل جسم . حصل العالم باول ديفيز في عام 1995 على) جائزة عالمية قدرها مليون دولار لبحوثه التي تدعم العلاقة ما بين العلم والدين وقد أصدر العديد من المؤلفات وأبرزها : الله والفيزياء الحديثة .. إن حقائق علم الفيزياء الحديثة تعمق في النفس البشرية الإيمان بالله واليوم الأخر والغيب ) .وإكتشاف قرين المادة يخبرنا باحتمال وجود عالم آخر يناظر عالمنا المادي ويتكون من قرائن الجسيمات أي من قرين المادة . أي هو هذا العالم الذي يتكون من قرين المادة ؟ هذا هو السؤال الذي لم يستطع أحد الإجابة عليه , فالأرض تتكون أساسا من مادة وليس من قرائن المادة , أما قرائن المادة التي يتم إنتاجها في الأشعة الكونية ( cosmic rays ) أو في معجلات الجسيمات ( Particle accelerator ) لا تعيش مدة طويلة في الأجواء الأرضية , فبمجرد أن تنخفض سرعتها بعض الشيء تحتم عليها أن تواجه مصيرها المؤلم الذي لا تستطيع الفرار منه وهو المحق أو الإبادة بواسطة المادة المقابلة لها التي تملأ أجواء الأرض . فعندما يتقابل الجسيم مع قرينه أو المادة مع قرينها يبدد كل منهما الآخر ويختفي الاثنان في شيء يشبه الإنفجار متحولين كليهما إلى طاقة معظمها في صورة أشعة جاما . وأحد الألغاز التي حيرت الفيزيائيين هو مقدار القرائن الداخلة في بناء هذا الكون فهل تعتبر الأرض نموذجا مصغرا لبقية الكون ؟ أي هل تزيد نسبة المادة في الكون كله عن نسبة قرائنها كما هو الحال في الأرض ؟ قد نستطيع الجزم بأن نسبة قرائن المادة في مجرتها نسبة ضئيلة وإلا تبددت أكثر المواد الموجودة بين النجوم ولسجلت مراصدنا كميات أكبر بكثير من أشعة جاما . ولكن من يدرينا أن الأمر لا يختلف عن ذلك في المجرات الأخرى النائية التي تقع في أطراف الكون النائية , فربما وجدت مجرات بأكملها تسمى بقرائن المجرات وتتكون من قرائن النجوم وإذا سلمنا بوجود قرينا للمجرة وجدنا أنفسنا أمام سؤال آخر محير وهو : ما الذي يمنع المجرة وقرينها من الاقتراب من بعضها ومن ثم التبدد والزوال ؟ هل هو الفراغ الكوني الهائل والمسافات الشاسعة التي أوجدها العلي القدير لتفصل بين المجرات وقرائنها ؟ وهل تقدم لنا هذه النظرية تفسيرا جديدا لقوله العزيز الحكيم : ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) فتبدد المجرات وقرائنها وزوالها بهذه الطريقة قد يتم في لحظات ويكون نتيجته كمية هائلة من الطاقة فتبدو السماء وكأنها وردة كالدهان قال تعالى : (فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ) ونحن لا نستطيع تصور انشقاق السماء كيف ستنشق ؟ وأي جزء منها سيبدو منشقا ؟ ولكن إذا حدث وتبددت مجرتنا مع قرينتها فذلك يعني تبدد كل مستوى المجرة الذي نراه نحن من داخلها وكأنه يقسم الكون إلى قسمين فتبدوا المساء منشقة وعندئذ تنكر النجوم وتنطمس فكل نجم يتبدد عندنا يقترب من قرين النجم قال تعالى : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * وَإِذَا السَّمَاء فُرِجَتْ) وإذا تبددت النجوم بهده الطريقة وتحولت كتلتها إلى طاقة فعندئذ تتلاشى تلك القوى التي تجذب الكواكب إلى النجوم في مساراتها فتتعثر الكواكب وتنتثر قال تعالى : ( إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ) ونتج عن ذلك اضطرابات هائلة على كوكبنا الأرض قال تعالى : (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ) وقال تعالى : (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) وقال تعالى : (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) .. سورة الإنفطار إنها علامات الساعة التي أخبرنا الخالق البارئ بها وقد يقدم لنا موضوع فيزياء الجسيمات وقرائنها تفسيرا لها فزوال المادة وقرينها أصبح حقيقة علمية تحدث يوميا في معجلات الجسيمات التي تحول الطاقة إلى مادة . وإذا عدنا إلى الآية الكريمة : ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) لوجدنا أن إجابتنا ستكون بالإيجاب على سؤال وجود الجماد أو المادة في صورة زوجين المادة وقرينها , فالخلاق الكريم لم يخلق الإنسان والحيوان والنبات فقط في صورة زوجين بل جعل من كل شيء زوجين حتى من الجماد والمادة وهذا هو تفسير الشمول التام الذي نراه في الآية : ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) سورة الذريات . ومما يذكر أن الفيزيائي المسلم - محمد عبد السلام الباكستاني الجنسية الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979 والذي قام بأبحاث هامة في موضوع الجسيمات وقرائنها وكان له الفضل في وضع النظرية التي جمعت بين قوتين رئيسيتين من القوى الأربع المؤثرة في هذا الكون وهما القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة صرح بعد حصوله على الجائزة أن الآية القرآنية : ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) كانت بمثابة إحساس خفي وإلهام قوي له وذلك أثناء أبحاثه على قرائن الجسيمات المادية . فقد فهم هذه الآية فهما شاملا يطوي بني كلماتها حقيقة وجود قرائن للمادة كحقيقة وجود أزواج أو قرائن في مملكة النبات والحيوان الإنسان . من كتاب " آيات قرآنية في مشكاة العلم " د : يحيى المحجري __________________ | |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة السبت فبراير 12, 2011 12:03 am | |
| موقف المفسرين من الآيات الكونية في القرآن الكريم - 2
القرآن يحض علي تدبر آياته ومعانيه والاجتهاد في تفسيره ضرورة بقلم الدكتور:زغلول النجارحرص كثير من علماء المسلمين, علي ألا يتم تأويل الاشارات العلمية, الواردة في القرآن الكريم إلا في ضوء الحقائق العلمية المؤكدة من القوانين والقواعد الثابتة, أما الفروض والنظريات فلا يجوز تخديمها في فهم ذلك وحتي هذا الموقف نعتبره تحفظا مبالغا فيه, فكما يختلف دارسو القرآن الكريم في فهم بعض الدلالات اللفظية, والصور البيانية, وغيرها من القضايا اللغوية ولا يجدون حرجا في ذلك العمل الذي يقومون به في غيبة نص ثابت مأثور, فاننا نري أنه لا حرج علي الإطلاق في فهم الاشارات الكونية الواردة بالقرآن الكريم علي ضوء المعارف العلمية المتاحة, حتي ولو لم تكن تلك المعارف قد ارتقت إلي مستوي الحقائق الثابتة, وذلك لأن التفسير يبقي جهدا بشريا خالصا ـ بكل ما للبشر من صفات القصور, والنقص, وحدود القدرة, ثم ان العلماء التجريبيين قد يجمعون علي نظرية ما. لها من الشواهد ما يؤيدها, وان لم ترق بعد الي مرتبة القاعدة أو القانون, وقد لا يكون أمام العلماء من مخرج للوصول بها الي ذلك المستوي أبدا, فمن أمور الكون العديدة مالا سبيل للعلماء التجريبيين من الوصول فيها الي حقيقة أبدا, ولكن قد يتجمع لديهم من الشواهد مايمكن أن يعين علي بلورة نظرية من النظريات, ويبقي العلم التجريبي مسلما بأنه لا يستطيع أن يتعدي تلك المرحلة في ذلك المجال بعينه أبدا, والأمثلة علي ذلك كثيرة منها النظريات المفسرة لأصل الكون وأصل الحياة وأصل الإنسان, وقد مرت بمراحل متعددة من الفروض العلمية حتي وصلت اليوم الي عدد محدود من النظريات المقبولة, ولا يتخيل العلماء أنهم سيصلون في يوم من الأيام الي أكثر من تفضيل لنظرية علي أخري, أو تطوير لنظرية عن أخري, أو وضع لنظرية جديدة, دون الادعاء بالوصول الي قانون قطعي, أو قاعدة ثابتة لذلك, فهذه مجالات إذا دخلها الإنسان بغير هداية ربانية فإنه يضل فيها ضلالا بعيدا, وصدق الله العظيم اذ يقول: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا.( الكهف51)
وذلك لأنه علي الرغم من أن العلماء التجريبيين يستقرئون حقائق الكون بالمشاهدة والاستنتاج, أو بالتجربة والملاحظة والاستنتاج, في عمليات قابلة للتكرار والاعادة, إلا أن من أمور الكون مالا يمكن إخضاعه لذلك من مثل قضايا الخلق: خلق الكون, وخلق الحياة وخلق الانسان. وهي قضايا لا يمكن للإنسان أن يصل فيها إلي تصور صحيح أبدا بغير هداية ربانية, ولولا الثبات في سنن الله التي تحكم الكون ومافيه ما تمكن الانسان من اكتشافها,... ولا يظن عاقل أن البشر مطالبون بما هو فوق طاقاتهم ـ خاصة في فهم كتاب الله ـ الذي أنزل لهم, ويسر لتذكرهم لقول الحق تبارك وتعالي: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)( القمر: الآيات40,32,22,17) ففي الوقت الذي يقرر القرآن الكريم فيه أن الله لم يشهد الناس خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم, نجده في آيات أخر يأمرهم بالنظر في كيفية بداية الخلق, وهي من أصعب قضايا العلوم الكونية البحتة منها والتطبيقية قاطبة اذ يقول( عز من قائل:
(أو لم يروا كيف يبديء الله الخلق ثم يعيده ان ذلك علي الله يسير* قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيء النشأة الأخرة ان الله علي كل شيء قدير)( العنكبوت:20,19) مما يشير الي أن بالأرض سجلا حافلا بالحقائق التي يمكن أن يستدل منها علي كيفية الخلق الأول, وعلي امكانية النشأة الآخرة, والأمر في الآية من الله تعالي الي رسوله الكريم ليدع الناس كافة الي السير في الأرض, واستخلاص العبرة من فهم كيفية ا لخلق الأول, وهي قضية تقع من العلوم الكونية( البحتة والتطبيقية) في الصميم, ان لم تكن تشكل أصعب قضية علمية عالجها الانسان. وهذه القضايا: قضايا الخلق وإفنائه وإعادة خلقه لها في كتاب الله وفي سنة رسوله( صلي الله عليه وسلم) من الإشارات اللطيفة مايمكن الإنسان المسلم من تفضيل نظرية من النظريات أو فرض من الفروض والارتقاء بها أو به إلي مقام الحقيقة لمجرد ورود ذكر لها أو له في كتاب الله أو في سنة رسوله( صلي الله عليه وسلم) ونكون بذلك قد انتصرنا بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة للعلم وليس العكس.
وعلي ذلك فاني أري جواز فهم الاشارات العلمية الواردة بالقرآن الكريم علي أساس من الحقائق العلمية الثابتة أولا, فان لم تتوافر فبالنظرية السائدة, فان لم تتوافر فبالفرض العلمي المنطقي المقبول, حتي لو أدي التطور العلمي في المستقبل الي تغيير تلك النظرية, أو ذلك الفرض أو تطويرهما أو تعديلهما, لأن التفسير ـ كما سبق أن أشرت يبقي اجتهادا بشريا خالصا من أجل حسن فهم دلالة الآية القرآنية إن أصاب فيه المرء فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد, ويبقي هذا الاجتهاد, قابلا للزيادة والنقصان, وللنقد والتعديل والتبديل. الرد علي القائلين بعدم جواز رؤية كلام الله في إطار محاولات البشر ان في كون القرآن الكريم بيانا من الله تعالي إلي الناس كافة, يفرض علي المتخصصين من أبناء المسلمين أن يفهموه ـ كل في حقل تخصصه ـ علي ضوء ماتجمع له من معارف بتوظيف مناهج الاستقراء الدقيقة, فالقرآن نزل للناس ليفهموه وليتدبروا آياته. ثم ان تأويل آيات الكونيات علي ضوء من معطيات العلوم التجريبية لا يشكل احتجاجا علي القرآن بالمعارف المكتسبة, ولا انتصارا له بها, فالقرآن بالقطع ـ فوق ذلك كله, ولأن التأويل علي أساس من المعطيات العلمية الحديثة يبقي محاولة بشرية للفهم في اطار لم يكن متوفرا للناس من قبل, ولا يمكن أن تكون محاولات البشر لفهم القرآن الكريم حجة علي كتاب الله, سواء اصابت أم أخطأت تلك المحاولات, والا لما حفل القرآن الكريم بهذا الحشد الهائل, من الآيات التي تحض علي استخدام كل الحواس البشرية للنظر في مختلف جنبات الكون بمنهج علمي استقرائي دقيق. وذلك لأن الله تعالي قد جعل السنن الكونية علي قدر من الثبات والاطراد يمكن حواس الإنسان المتأمل لها, المتفكر فيها, المتدبر لتفاصيلها من إدراك أسرارها( علي الرغم من حدود قدرات تلك الحواس), ويعين عقله علي فهمها( علي الرغم من حدود قدرات ذلك العقل),
وربما كان هذا هو المقصود من آيات التسخير التي يزخر بها القرآن الكريم, ويمن علينا ربنا تبارك وتعالي ـ وهو صاحب الفضل والمنة ـ بهذا التسخير الذي هو من أعظم نعمه علينا نحن العباد. ومن أروع مايدركه الإنسان المتأمل في الكون كثرة الأدلة المادية الملموسة علي كل حدث وقع في الكون صغر أم كبر, أدلة مدونة في صفحة الكون وفي صخور الأرض بصورة يمكن لحواس الإنسان ولعقله إدراكها لو اتبع المنهج العلمي الاستقرائي الصحيح, فما من انفجار حدث في صفحة الكون إلا وهو مدون, ومامن نجم توهج أو خمد إلا وله أثر, وما من هزة أرضية أو ثورة بركانية أو حركة بانية للجبال إلا وهي مسجلة في صخور القشرة الأرضية, وما من تغير في تركيب الغلاف الغازي أو المائي للأرض إلا وهو مدون في صخور الأرض, ومامن تقدم للبحار أو انحسار لها, ولا تغير في المناخ إلا وهو مدون كذلك في صخور الأرض, ومامن هبوط نيازك أو أشعة كونية علي الأرض إلا وهو مسجل. في صخورها. ومن هنا فإن الدعوة القرآنية للتأمل في الكون واستخلاص سنن الله فيه وتوظيف تلك السنن في عمارة الأرض والقيام بواجب الاستخلاف فيها هي دعوة للناس في كل زمان ومكان, وهي دعوة لا تتوقف ولا تتخلف ولا تتعطل انطلاقا من الحقيقة الواقعة أنه مهما اتسعت دائرة المعرفة الإنسانية فإن القرآن الكريم يبقي ـ دوما ـ مهيمنا عليها, محيطا بها لأنه كلام الله الخالق الذي أبدع هذا الكون بعلمه وقدرته وحكمته, والذي هو أدري بصنعته من كل من هم سواه.
وعلي ذلك فإن مقابلة كلام الله بمحاولة البشر لتفسيره وإثبات جوانب الإعجاز فيه لا تنتقص من جلال الربوبية الذي يتلألأ بين كلمات هذا البيان الرباني الخالص, وإنما تزيد المؤمنين ثباتا علي إيمانهم, وتقيم الحجة علي الجاحدين من الكفار والمشركين, وحتي لو أخطأ المفسر في فهم دلالة أية من آيات القرآن الكريم فإن هذا الخطأ يعد علي المفسر نفسه ولا ينسحب علي جلال كلام الله أبدا, والذين فسروا باللغة أصابوا وأخطأوا, وكذلك الذين فسروا بالتاريخ, فليحاول العلماء التجريبيون تفسير الآيات الكونية بما تجمع لديهم من معارف لأن تلك الآيات لا يمكن فهم دلالاتها فهما كاملا, ولا استقراء جوانب الإعجاز فيها في حدود أطرها اللغوية وحدها.
الرد علي المدعين بكفر الكتابات العلمية المعاصرة إن الاحتجاج بأن العلوم التجريبية ـ في ظل الحضارة المادية المعاصرة ـ تنطلق في معظمها من منطلقات مادية بحتة, تنكر أو تتجاهل الغيب, ولا تؤمن بالله, وأن للكثيرين من المشتغلين بالعلوم مواقف عدائية واضحة من قضية الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر, فمرده بعيد عن طبيعة العلوم الكونية, وانما يرجع ذلك الي العقائد الفاسدة التي أفرزتها الحضارة المادية المعاصرة, والتي تحاول فرضها علي كل استنتاج علمي كلي, وعلي كل رؤية شاملة للكون والحياة, في وقت حققت فيه قفزات. هائلة في مجال العلوم الكونية البحتة منها والتطبيقية, بينما تخلف المسلمون في كل أمر من أمور الحياة بصفة عامة, وفي مجال العلوم والتقنية بصفة خاصة, مما أدي الي انتقال القيادة الفكرية في هذه المجالات علي وجه الخصوص إلي أمم سبق للعلماء فيها أن عانوا معاناة شديدة من تسلط الكنيسة عليهم, واضطهادها لهم, ورفضها للمنهج العلمي ولكل معطياته ووقوفها حجر عثرة في وجه أي تقدم علمي, كما حدث في أوروبا في أوائل عصر النهضة. فانطلق العلماء الغربيون من منطلق العداوة للكنيسة أولا ثم لقضية الايمان بالتبعية, وداروا بالعلوم الكونية ومعطياتها في اطارها المادي فقط, وبرعوا في ذلك براعة ملحوظة, ولكنهم ضلوا السبيل وتنكبوه حينما حبسوا أنفسهم في اطار المادة, ولم يتمكنوا من أدراك ما فوقها, أو منعوا أنفسهم من التفكير فيه, فأصبحت الغالبية العظمي من العلوم تكتب من مفهوم مادي صرف, وأنتقلت عدوي ذلك الي عالمنا المسلم أثناء مرحلة اللهث وراء اللحاق بالركب التي نعيشها وما صاحب ذلك من مركبات الشعور بالنقص, أو نتيجة لدس الأعداء, وانبهار البلهاء بما حققته الحضارة المادية المعاصرة من انتصارات في مجال العلوم البحتة والتطبيقية, وما وصلت اليه من أسباب القوة والغلبة, وما حملته معها حركة الترجمة من غث وسمين, فأصبحت العلوم تكتب اليوم في عالمنا المعاصر من نفس المنطلق لأنها عادة ماتدرس وتكتب وتنشر بلغات أجنبية علي نفس النمط الذي ارست قواعده الحضارة المادية, وحتي ماينشر منها باللغة العربية, أو بغيرها من اللغات المحلية, لا يكاد يخرج في مجموعه عن كونه ترجمة مباشرة أو غير مباشرة للفكر الغريب الوافد بكل مافيه من تعارض واضح أحيانا مع نصوص الدين, وهنا تقتضي الأمانة اثبات ان ذلك الموقف غريب علي العلم وحقائقه ومن هنا أيضا كان من واجب المسلمين اعادة التأصيل الاسلامي للمعارف العلمية أي اعادة كتابة العلوم بل والمعارف المكتسبة كلها من منطلق اسلامي صحيح خاصة أن المعطيات الكلية للعلوم البحتة والتطبيقية ـ بعد وصولها الي قدر من التكامل في هذا العصر ـ اصبحت من أقوي الأدلة علي وجود الله وعلي تفرده بالألوهية والربوبية وبكامل الأسماء و,الصفات, وأنصع الشواهد علي حقيقة الخلق وحتمية البعث وضرورة الحساب وأن العلوم الكونية كانت ولا تزال النافذة الرئيسية التي تتصل منها الحضارة المعاصرة بالفطرة الربانية وأن المنهج العلمي ونجاحه في الكشف عن عدد من حقائق هذا الكون متوقف علي اتساق تلك الفطرة واتصاف سننها بالاطراد والثبات.
الرد علي الادعاء بالتعارض بين معطيات العلم والدين إن القول بأن عددا من المعطيات الكلية للعلوم التجريبية ـ كما تصاغ في الحضارة المادية المعاصرة ـ قد تتباين مع الأصول الاسلامية الثابتة ـ قول علي اطلاقه غير صحيح لانه اذا جاز ذلك في بعض الاستنتاجات الجزئية الخاطئة, أو في بعض الأوقات كما كان الحال في مطلع هذا القرن, والمعرفة بالكون جزئية متناثرة, ساذجة بسيطة, أو في الجزء المتأخر منه عندما أدت المبالغة في التخصص الي حصر العلماء في دوائر ضيقة للغاية حجبت عنهم الرؤية الكلية لمعطيات العلوم, فإنه لا يجوز:اليوم حين بلغت المعارف بأشياء هذا الكون حدا لم تبلغه البشرية من قبل وقد أصبحت الاستنتاجات الكلية لتلك المعارف تؤكد ضرورة الإيمان بالخالق الباريء المصور الذي ليس كمثله شيء, وعلي ضرورة التسليم بالغيب وبالوحي وبالبعث وبالحساب, فمن المعطيات الكلية للعلوم الكونية المعاصرة ما يمكن إيجازه فيما يلي: ـ أن هذا الكون الذي نحيا فيه متناه في أبعاده مذهل في دقة بنائه, مذهل في إحكام ترابطه وانتظام حركاته.
ـ أن هذا الكون مبني علي نفس النظام من أدق دقائقه إلي أكبر وحداته. أن هذا الكون دائم الاتساع إلي نهاية لا يستطيع العلم المكتسب إدراكها. ـ أن هذا الكون ـ علي قدمه ـ مستحدث مخلوق, كانت له في الماضي السحيق بداية حاول العلم التجريبي قياسها, ووصل فيها الي دلالات تكاد تكون ثابتة ـ لو استبعدنا الأخطاء التجريبية.
ـ ان هذا الكون عارض أي أنه لابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية تشير إليها كل الظواهر الكونية من حولنا. ـ ان هذا الكون المادي لا يمكن أن يكون قد أوجد نفسه بنفسه ولا يمكن لأي من مكوناته المادية أن تكون قد أوجدته. ـ ان هذا الكون المتناهي الأبعاد. الدائم الاتساع, المحكم البناء, الدقيق الحركة والنظام الذي يدور كل ما فيه في مدارات محددة وبسرعات مذهلة متفاوتة وثابتة لا يمكن أن يكون قد وجد بمحض المصادفة.
ـ هذه المعطيات السابقة تفضي الي حقيقة منطقية واحدة مؤداها أنه اذا كان هذا الكون الحادث لا يمكن أن يكون قد وجد بمحض المصادفة. فلابد له من موجد عظيم له من العلم والقدرة والحكمة وغير ذلك من صفات الكمال والتنزيه ما لا يتوافر لشيء من خلقه بل ما يغاير صفات المخلوقات جميعا فلا تحده. حدود المكان ولا الزمان ولا قوالب المادة أو الطاقة, ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ولا ينسحب عليه ما يحكم خلقه من سنن وقوانين, لأنه( سبحانه وتعالي) ( ليس كمثله شيء)( الشوري:11) ـ هذا الخالق العظيم الذي أوجد الكون بما فيه ومن فيه هو وحده الذي يملك القدرة علي ازالته وافنائه ثم اعادة خلقه وقتما شاء وكيفما شاء: يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب, كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين.( الأنبياء: آية104) إنما قولنا لشيء اذا أردناه أن نقول له كن فيكون( النحل:40)
ـ ان الوحدة في هذا الكون تشير الي وحدانية هذا الخالق العظيم, وحدة بناء كل من الذرة والخلية الحية والمجموعة الشمسية والمجرة وغيرها, ووحدة تأصيل العناصر كلها وردها الي أبسطها وهو غاز الايدروجين, ووحدة تواصل كل صور الطاقة, وتواصل المادة والطاقة, وتواصل المخلوقات, هذا التواصل وتلك الوحدة التي يميزها التنوع في أزواج, وتلك الزوجية التي تنتظم كل صور المخلوقات من الأحياء والجمادات تشهد بتفرد الخالق الباريء المصور بالوحدانية, واستعلاء هذا الخالق الواحد الأحد الفرد الصمد فوق خلقه بمقام الألوهية والربوبية الذي لا يشاركه فيه أحد ولا ينازعه علي سلطانه منازع ولا يشبهه من خلقه شيء ـ ان العلوم التجريبية في تعاملها مع المدرك المحسوس فقط, قد استطاعت أن تتوصل الي أن بالكون غيبا قد لا يستطيع الانسان أن يشق حجبه, ولولا ذلك الغيب ما استمرت تلك العلوم في التطور والنماء, لأن أكبر الاكتشافات العلمية قد نمت نتيجة للبحث الدءوب عن هذا الغيب. ـ تؤكد العلوم التجريبية أن بالأحياء سرا لا نعرف كنهه, لأننا نعلم مكونات الخلية الحية, والتركيب المادي لجسد الانسان, ومع ذلك لم يستطع هذا العلم أن يصنع لنا خلية حية واحدة, أو أن يوجد لنا انسانا عن غير الطريق الفطري لا يجاده. ـ ان النظر في أي من زوايا هذا الكون ليؤكد حاجته ـ بمن فيه وما فيه ـ الي رعاية خالقه العظيم في كل لحظة من لحظات وجوده
ـ ان العلوم الكونية اذ تقدر أن الكون والإنسان في شكليهما الحاليين ليسا أبديين, فانها ـ وعلي غير قصد منها ـ لتؤكد حقيقة الآخرة, بل وعلي حتميتها, والموت يتراءي في مختلف جنبات هذا الكون في كل لحظة من لحظات وجوده, شاملا الانسان والحيوان والنبات والجماد وأجرام السماء علي تباين هيئاتها, وتكفي في ذلك الاشارة الي ما أثبتته المشاهدة من أن الشمس تفقد من كتلتها بالاشعاع ما يقدر بحوالي4,6 مليون طن في كل ثانية وانها اذ تستمر في ذلك فلابد من أن يأتي الوقت الذي تخبو فيه جذوتها, وينطفيء أوراها, وتنتهي الحياة علي الأرض قبل ذلك, لاعتمادها في ممارسة انشطتها الحيوية علي آشعة الشمس وأن الطاقة تنتقل من الأجسام الحارة الي الأجسام الأقل حرارة بطريقة مستمرة في محاولة لتساوي درجات حرارة الأجرام المختلفة في الكون ولابد أن تنتهي بذلك أو قبله كل صور الحياة المعروفة لنا, وليس معني ذلك أنه يمكن معرفة متي تكون نهاية هذا الوجود, لأن الآخرة قرار الهي لا يرتبط بسنن الدنيا, وإن أبقي الله تعالي لنا في الدنيا من الظواهر والسنن ما يؤكد امكانية وقوع الآخرة, بل حتميتها انصياعا للأمر الإلهي كن فيكون وأن الإنسان الذي يحوي جسده في المتوسط ألف مليون مليون خلية يفقد فيها في كل ثانية ما يقدر بحوالي125 مليون خلية تموت ويتخلق غيرها بحيث تتبدل جميع خلايا جسد الفرد من بني البشر مرة كل عشر سنوات تقريبا, فيما عدا الخلايا العصبية التي إذا ماتت لا تتجدد, وتكفي في ذلك أيضا الإشارة إلي أن انتقال الاليكترون من مدار إلي آخر حول نواة الذرة يتم بسرعة مذهلة دفعت بعدد من العلماء إلي الاعتقاد بأنه فناء في مدار وخلق جديد في مدار آخر, كما تكفي الإشارة إلي ظاهرة اتساع الكون عن طريق تباعد المجرات عن بعضها البعض بسرعات مذهلة تقترب من سرعة الضوء( أي حوالي ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية) وتخلق المادة في المسافات الجديدة الناتجة عن هذا التباعد المستمد بطريقة لايعلمها إلا الله, وتباطؤ هذا التباعد الناتج عن ظاهرة الانفجار العظيم مع الزمن مما يشير إلي حتمية تغلب الجاذبية علي عملية الدفع إلي الخارج مما يؤدي إلي إعادة جمع مادة الكون ومختلف صور الطاقة فيه في جرم واحد ذي كثافة بالغة مما يجعله في حالة من عدم الاستقرار تؤدي إلي انفجاره علي هيئة شبيهة بالانفجار الأول الذي تم به خلق الكون, فيتحول هذا الجرم إلي غلالة من دخان كما تحول الجرم الأول, وتتخلق من هذا الدخان أرض غير الأرض, وسماوات غير السماوات.
كما وعد ربنا تبارك وتعالي بقوله( عز من قائل): يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين( الأنبياء: آية104) وقوله( سبحانه): يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار( إبراهيم:48).
وتكفي في ذلك أيضا الإشارة إلي أن الذرات في جميع الأحماض الأمينية والجزيئات البروتينية تترتب ترتيبا يساريا في أجساد كافة الكائنات الحية علي اختلاف مراتبها, فإذا مامات الكائن الحي أعادت تلك الذرات ترتيب نفسها ترتيبا يمينيا بمعدلات ثابتة محددة يمكن باستخدامها تحديد لحظة وفاة الكائن الحي اذا بقيت من جسده بقية بعد مماته, ويتعجب العلماء من القدرة التي مكنت الذرات من تلك الحركات المنضبطة بعد وفاة صاحبها وتحلل جسده!! فهل يمكن لعاقل بعد ذلك أن يتصور أن العلوم الكونية ومعطياتها في أزهي عصور ازدهارها ـــ تتصادم مع قضية الايمان بالله, وهذه هي معطياتها الكلية, وهي في جملتها تكاد تتطابق مع تعاليم السماء, وفي ذلك كتب المفكر الإسلامي الكبير الأستاذ محمد فريد وجدي( يرحمه الله) في خاتمة كتابه المستقبل للإسلام ما نصه: إن كل خطوة يخطوها البشر في سبيل الرقي العلمي, هي تقرب إلي ديننا الفطري, حتي ينتهي الأمر إلي الإقرار الإجماعي بأنه الدين الحق.
ثم يضيف:.. نعم إن العالم بفضل تحرره من الوراثات والتقاليد, وإمعانه في النقد والتمحيص, يتمشي علي غير قصد منه نحو الإسلام,بخطوات متزنة ثابتة, لاتوجد قوة في الأرض ترده. عنه إلا إذا انحل عصام المدنية, وارتكست الجماعات الإنسانية عن وجهتها العلمية. وقد بدأت بوادر هذا التحول الفكري تظهر جلية اليوم, وفي مختلف جنبات الأرض, بإقبال أعداد كبيرة من العلماء والمتخصصين وكبار المثقفين والمفكرين علي الاسلام, إقبالا لم تعرف له الانسانية مثيلا من قبل, وأعداد هؤلاء العلماء الذين توصلوا الي الايمان بالله عن طريق النظر المباشر في الكون, واستدلوا علي صدق خاتم رسله وأنبيائه( صلي الله عليه وسلم) بالوقوف علي عدد من الإشارات العلمية البارقة الصادقة في كتاب الله, هم في تزايد مستمر, وهذا واحد منهمموريس بوكاي الطبيب والباحث الفرنسي يسجل في كتابه الإنجيل والقرآن والعلم مانصه:.. لقد أثارت هذه الجوانب العلمية التي يختص بها القرآن دهشتي العميقة في البداية, فلم أكن أعتقد قط بإمكان اكتشاف عدد كبير ـ إلي هذا الحد ــ من الدعاوي الخاصة بموضوعات شديدة التنوع ومطابقة تماما للمعارف العلمية الحديثة, وذلك في نص دون منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنا.
| |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة السبت فبراير 12, 2011 12:04 am | |
| القلب مركز التعقل س : هل مركز الإيمان والتصبر في الإنسان هو القلب ؟ وإذا كان كذلك فكيف الحال في عمليات نقل القلوب والقلوب الصناعية ؟ وهل القلب في القرآن والسنة هو هذا القلب ؟ ج : اليوم فقط في الفجر وجدت جوابا جديدا كنت أبحث عنه , فمنذ مدة ونحن نتتبع هذا فأرسلنا واحدا من إخواننا إلى مركز إجراء العمليات الصناعية لتغيير القلوب الصناعية إلى أمريكا قال : لو تسمحون لي أن أقابل المرضى ؟ قالوا : لا نسمح لك ! لماذا ؟ أريد أن أقابلهم وأن أسألهم . فماذا حدث ؟ انزعجوا انزعاجا شديدا من طلبي ! فما السبب ؟ قالوا لي : أي معلومة تريدها نحن سنقدمها لك . قلنا : إن شاء الله ربنا سيكشف وسيجعل من هذا إعجازا علميا نتكلم عنه في الأعوام القادمة والأيام القادمة - إن شاء الله - هكذا وسترون وستذكرون . فأخذنا نتتبع فإذا بأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز قال لي : أما سمعت الخبر ؟! قلت ما هو ؟ قال نشر في الجريدة منذ ثلاث سنوات ونصف . تقول الجريدة : إنهم اكتشفوا أن القلب ليس مضخة للدماء , بل هو مركز عقل وتعقل . الله أكبر أرني الجريدة سلمني الجريدة فأحضرها لي وهي موجودة عندي وهذا أول باب . مرت الأيام وإذا بمركز لتبديل القلوب بالأردن , فقلت هذه بلاد عربية لعلنا إن شاء الله يتيسر لنا معلومة , وأن نرى ذلك بأعيننا فأحد الأخوة من المتتبعين لهذا الموضوع قال : هل سمعت المؤتمر الصحفي لأول شخص بدل قلبه ؟ قلت : لا قال : عقد مؤتمر صحفي وقالوا : لو أنكم معنا في البيت تشاهدون سلوك هذا ما غبطتمونى على هذا . يبقى هناك شيء ولكنه ليس محل تركيز وأبحاث . اليوم في الفجر اتصل بي أحد الإخوة من الأطباء السعوديين يشتغل في عملية تغيير القلوب ويريد أن يعد بحثا عن هذا الموضوع , فأخذت أسأله : أنا أريد أن تركز على التغييرات العقلية التي تحدث والنفسية , والقدرة على الاختيار ماذا يحدث ؟ قال : أولا أريد أن أقول لك شيئا معلوما الآن عند العاملين في هذا الحقل وهو أن القلب الجديد لا تكون فيه أي عواطف ولا انفعالات .. كيف هذا الكلام ؟ قال : هذا القلب إذا قربت إليه خطرا بدا وكأنه لا شيء يهدده ! بينما الثاني يرعش وإذا قربت شيئا يحبه بدا وكأنك لم تقدم إليه شيئا . قلب بارد غير متفاعل مع سائر الجسد . فأقول : هذا إن شاء الله سيكشف عن كثير من أوجه الإعجاز وسيبين ما نبحث عنه واصبروا قليلا , فإن المسألة في بدايتها وهاهم يقولون : أكتشفوا في القلب هرمونات عاقلة , وهرمونات عاقلة ترسل رسائل عاقلة إلى الجسم كله وإن القلب مركز عقل وتعقل , وليس مجرد مضخة والله أعلم وإن موعدنا قريب بإذن الله المصدر " أنت تسأل والشيخ الزنداني يجيب حول الإعجاز العلمي في القرآن والسنة " للشيخ عبد المجيد الزنداني قال تعالى : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا) (الإسراء-36) __________________ | |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة السبت فبراير 12, 2011 12:04 am | |
| حالة الصدر في الطبقات العليا في المؤتمر العلمي الأول عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة الذي عقد في إسلام آباد تقدم الدكتور صلاح الدين المغربي وهو عضو في الجمعية الأمريكية لطب الفضاء وهو أستاذ لطب الفضاء بمعهد طب الفضاء بلندن ببحث عن حالة الصدر في طبقات الجو العليا فقال : لنا حويصلات هوائية . والأوكسجين إذا دخل في الهواء ينفخ هذه الحويصلات الهوائية فنراها منتفخة , لكن إذا صعدنا إلى طبقات الجو العليا ينقص الهواء , وينقص الأكسجين فيقل ضغطه فتنكمش هذه الحويصلات ويقل الأكسجين فإذا انكمشت هذه الحويصلات ضاق الصدر .. يضيق .. ويتحرج التنفس ويصبح صعبا . قال من سطح البحر إلى 000 و10 قدم لايحدث تغير . من 000و10 قدم إلى 000و16 قدم في هذه المنطقة يبدأ الجسم في تكييف نفسه ليعدل النقص الذي حدث والتغيير الذي حدث ومن 000و16 قدم إلى 000و25 قدم يبدأ الضيق الشديد في الصدر فيضيق الصدر , ويصاب صاحبة بالإغماء , ويميل إلى أن يقذف وتأخذه دوخة , ويكون التنفس حادا جدا وهذه الحالة تقع للطيار الذي تتعطل أجهزة التكييف في كابينة الطائرة فكلما صعد الإنسان إلى أعلى نقص الأكسجين فيتعذر التنفس وتتحرج العمليات الحيوية , ويضيق الصدر لعدم وجود هواء يضغط على هذه الحويصلات الهوائية بل بعد 000و25 قدم تتمدد الغازات في المعدة فتضغط على الحجاب الحاجز فيضغط على الرئتين ويضيق الصدر قال : كل هذا يشير إليه المولى في قوله تعالى : ( فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) سورة الأنعام : 125 يضرب مثلا بحال من يصعد في السماء .. هل كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عنده من الطيران ما يمكنه من معرفة تلك الحقائق ؟! لقد كان عنده أكثر من ذلك عنده الوحي يأتيه الوحي من الله هذا البحث تقدم به أربعة من علماء الأرصاد في جامعة الملك عبد العزيز بجدة اشتركوا معه فيه المصدر "العلم طريق الإيمان " للشيخ عبد المجيد الزنداني __________________ | |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| | | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| موضوع: رد: الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة السبت فبراير 12, 2011 12:05 am | |
| مراحل تَخَلُّق الجنين
آيات الإعجاز:
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12-14].
وقال تعالى: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى} [القيامة: 37-39].
وقال سبحانه: {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 7-8].
التفسير اللغوي:
قال ابن منظور في لسان العرب: - نطفة: النُّطفة والنُّطافة: القليل من الماء، والجمع نُطاف.
والنُّطفة ماء الرجل.
- علقة: عَلِقَ بالشيء عَلَقاً وعَلِقَهُ: نشب فيه.
والعَلَقُ: الدم، وقيل الدم الجامد الغليظ.
وقيل: الجامد قبل أن ييبس.
وقيل: بمعنى اشتدت حمرته.
والقطعة منه: عَلَقَةٌ.
وفي التنزيل: {ثم خلقنا النطفة علقة}.
- مضغة: مضَغَ يمضُغُ ويمضَغُ مَضْغاً: لاك.
وأمضغه الشيء ومضّغه: ألاكه إياه.
والمضغة: القطعة من اللحم.
وقيل تكون المضغة غير اللحم.
وقال الإمام النووي في تهذيب أسماء اللغات: إذا صارت العلقة التي خُلِقَ منها الإنسان لحمة فهي مضغة.
فهم المفسرين:
ذكر الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه (فتح الباري شرح صحيح البخاري) (11/481) قول الإمام ابن قيم الجوزية رحمهما الله تعالى عن تطور خلق الجنين ما نصّه: "إن داخل الرحم خشن كالإسفنج… وجعل فيه قبولاً للمني كطلب الأرض العطشى للماء فجعله طالباً مشتاقاً إليه بالطبع… فلذلك يمسكه ولا يزلقه بل ينضم عليه لئلا يفسده الهواء… فيأذن الله لملك الرحم في عقده أربعين يوماً، وفي تلك الأربعين يجمع خلقه.. قالوا إن المني إذا اشتمل عليه الرحم ولم يقذفه استدار على نفسه واشتد (مرحلة الكرة الجرثومية في اصطلاح علم الأجنة الحديث) إلى تمام ستة أيام، فينقط فيه ثلاث نقط في مواضع القلب والدماغ والكبد، ثم يظهر فيما بين تلك النقط خطوط خمسة إلى تمام ثلاثة أيام ثم تنفذ الدموية فيه إلى تمام خمسة عشر يوماً، فتتميز الأعضاء الثلاثة ثم تمتد رطوبة النخاع إلى تمام اثني عشر يوماً، ثم ينفصل الرأس عن المنكبين بحيث يظهر للحس في أربعة أيام، فيكمل في أربعين يوماً…".
وقال الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "يعني ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا ثم ينتقل بعدُ من طور إلى طور ومن حال إلى حال ومن لون إلى لون".
مقدمة تاريخية:
مرّ تاريخ علم الأجنة بثلاث مراحل أساسية هي المرحلة الوصفية ومرحلة علم الأجنة التجريبي ومرحلة التقنية واستخدام الأجهزة.
1- المرحلة الوصفية أو علم الأجنة الوصفي:
- تعود إلى أكثر من ستة قرون قبل الميلاد وتستمر حتى القرن التاسع عشر.
وتم خلالها وصف الملاحظات الخاصة بظاهرة تطور الجنين.
- وقد وُجدت بعض السجلات المدونة من قشرة السلالات الفرعونية الرابعة والخامسة والسادسة في مصر القديمة حيث كان الاعتقاد بأن للمشيمة خواص سحرية خفية.
- أما اليونان القدماء فهم أول من ربط العلم بالمنطق بفضل تعليلاتهم المنطقية، ولم تُسجَّل منذ عام 200 بعد الميلاد حتى القرن السادس عشر أية معلومات تذكر عن علم الأجنة.
- وأما في القرن السادس عشر وما بعده فقد مهّدت أبحاث "فيسالبوس" و"فابريسيوس" و"هارفي" لبدء عصر الفحص المجهري، وتم اكتشاف الحيوان المنوي من طرق العالمين "هام" و"فان لوفينهوك" عام 1701م. إلا أن اختراع المجهر لم يكن كافياً لبيان تفاصيل تكوين الحيوان المنوي حيث اعتقد العلماء بأن الإنسان يكون مخلوقاً خلقاً تاماً في الحيوان المنوي في صورة قزم، وبينما كان فريق من العلماء يرى أن الإنسان يُخلَقٌ خلْقاً تاماً في بيضة، كان فريق آخر يقرر أن الإنسان يُخلق خلقاً تاماً في الحيوان المنوي. ولم ينته الجدل بين الفريقين إلا حوالي عام 1775م عندما أثبت "سبالانزاني" أهمية كل من الحيوان المنوي والبويضة في عملية التخلق البشري.
2- مرحلة علم الأجنة التجريبي:
بدأت هذه المرحلة في أواخر القرن التاسع عشر حتى الأربعينات من القرن العشرين حيث قفزت أبحاث العالم "فون باير" بعلم الأجنة من مرحلة التجارب والمشاهدات إلى مرحلة صياغة المفاهيم الجنينية، كما طور العالم "روس هاريسون" تقنية زرع الحبل السري وبدأ "أوتو واربوغ" دراساته عن الآليات الكيميائية للتخلق، ودرس "فرانك راتزي ليلي" طريقة إخصاب الحيوان المنوي للبويضة، كما درس "هانس سبيما" آليات التفاعل النسيجي كالذي يحدث خلال التطور الجنيني، ودرس "يوهانس هولتفرتر" العمليات الحيوية التي تُظهِر بعض الترابط بين خلايا الأنسجة فيما بينها أو بينها وبين خلايا الأنسجة الأخرى.
3- مرحلة التقنية واستخدام الأجهزة:
وتمتد هذه المرحلة من الأربعينات إلى يومنا هذا، وقد تأثرت تأثراً بالغاً بتطور الأجهزة الطبية مما كان له التأثير القوي على مسار البحوث العلمية.
فلقد كان اكتشاف المجهر الإلكتروني وآلات التصوير المتطورة وأجهزة قياس الشدة النسبية لأجزاء الطيف، وكذا ظهور الحاسوب ومجموعة الكشف عن البروتينات والأحماض النووية، كل هذه كانت عوامل سمحت للعلماء بإجراء تجارب كانت تبدو قبل سنوات فقط من الأحلام الخيالية حيث تم التوصل إلى فهم ووصف دقيق لمراحل التخلق الجنيني بفضل كل هذه الأجهزة الحديثة.
حقائق علمية:
- لقد كشف علم الأجنة الحديث عن المراحل التي يتم فيها خلق الإنسان وحدّدها بالأطوار التالية:
أ- مرحلة التخلق الأولى:
1- النطفة 2- العلقة 3- المضغة 4- كساء العظام 5- كساء العظام باللحم
ب- طور النشأة جـ- طور قابلية الحياة د- طور الحضانة الرحمية هـ- طور المخاض
التفسير العلمي:
لقد ذكر القرآن الكريم المراحل الأساسية للتخلق البشري من لحظة الحمل إلى الولادة، قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12-14].
وقال تعالى: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى} [القيامة: 37-39].
وقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 7-8].
وتلك المراحل على ضوء الآيات الكريمة السابقة قسمان بارزان:
- مرحلة التخلق الأولى (مرحلة الحمل).
- مرحلة النشأة.
أ- مرحلة التخلق الأولى (مرحلة الحمل):
وتشمل:
النطفة والعلقة والمضغة، وتخلق العظام ثم كسوة العظام باللحم (العضلات) حيث قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد".
إن هذا الحديث يدلّ على حقيقتين:
الأولى: أن جمع خلق الإنسان يتم في الأربعين يوماً الأولى.
والثانية: أن مراحل الخلق الأولى: النطفة، العلقة والمضغة إنما تتكون وتكتمل خلال هذه الفترة (الأربعين يوماً الأولى).
الجنين في الأربعين يوماً الأولى:
1- مرحلة النطفة:
خلال عملية الإخصاب يرحل ماء الرجل من المهبل ليقابل البويضة في ماء المرأة في قناة البويضات (قناة فالوب) ولا يصل من ماء الرجل إلا القليل ويخترق حيوان منوي واحد البويضة، ويحدث عقب ذلك مباشرة تغير سريع في غشائها يمنع دخول بقية المنويات، وبدخول المنوي في البويضة تتكون النطفة الأمشاج أي البويضة الملقحة (الزيجوت) Zygote وبهذا تبدأ مرحلة النطفة ومعناها اللغوي القطرة وهو الشكل الذي تتخذه البويضة الملقحة. إذن بداية هذا الطور مكونة من نطفة مختلطة من سائلين وتتحرك في وسط سائل، وتستغرق فترة زمنية هي الأيام الستة الأولى من الحمل، ويبدأ بعد ذلك التحول إلى طور العلقة في اليوم الرابع عشر.
وفي اليوم السادس تقريباً تشق النطفة طريقها إلى تحت سطح بطانة الرحم مواصلة انقساماتها الخلوية وتطورها ثم يتم انغراسها فيه وتكتمل بذلك مرحلة النطفة في اليوم الرابع عشر من التلقيح تقريباً وبذلك تأخذ حصتها من الأربعين يوماً.
2- طور العلقة:
تستمر الخلايا في الانقسام والتكاثر بعد مرحلة النطفة ويتصلب الجنين بذلك، ثم يتثلم عند تكون الطبقة العصبية ويأخذ الجنين في اليوم الحادي والعشرين شكلاً يشبه العلقة، كما تعطي الدماء المحبوسة في الأوعية الدموية للجنين لون قطعة من الدم الجامد وبهذا تتكامل المعاني التي يدل عليها لفظ علقة المطلق على دودة تعيش في البرك وعلى شيء معلَّق وعلى قطعة من الدم الجامد، إلى حوالي اليوم الواحد والعشرين، وبهذا تأخذ العلقة حصتها من الأربعين يوماً وإلى هذا تشير الآية الكريمة {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} [المؤمنون: 14].
3- طور المضغة:
يبدأ هذا الطور بظهور الكتل البدنية في اليوم الرابع والعشرين أو الخامس والعشرين في أعلى اللوح الجنيني، ثم يتوالى ظهور هذه الكتل بالتدريج إلى مؤخرة الجنين.
وفي اليوم الثامن والعشرين يتكون الجنين من عدة فلقات تظهر بينها انبعاجات، مما يجعل شكل الجنين شبيهاً بالعلكة الممضوغة.
ويزداد اكتساب الجنين في تطوره شكل المضغة تدريجياً من حيث الحجم بحيث يكتمل هذا الطور في بقية الأيام الأربعين الأولى من حياته، وهذا الترتيب في خلق الأطوار الأولى يجيء فيه طور المضغة بعد طور العلقة مطابقاً لما ورد في الآية الكريمة: {فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً} [المؤمنون: 14].
وينتهي هذا الطور بنهاية الأسبوع السادس.
الجسد الفاصل:
وفي الأسبوع السابع تبدأ الصورة الآدمية في الوضوح نظراً لبداية انتشار الهيكل العظمي، فيمثل هذا الأسبوع (ما بين اليوم 40 و45) الحد الفاصل ما بين المضغة والشكل الإنساني.
4- طور العظام:
مع بداية الأسبوع السابع يبدأ الهيكل العظمي الغضروفي في الانتشار في الجسم كله، فيأخذ الجنين شكل الهيكل العظمي وتكَوُّن العظام هو أبرز تكوين في هذا الطور حيث يتم الانتقال من شكل المضغة الذي لا ترى فيه ملامح الصورة الآدمية إلى بداية شكل الهيكل العظمي في فترة زمنية وجيزة، وهذا الهيكل العظمي هو الذي يعطي الجنين مظهره الآدمي.
ومصطلح العظام الذي أطلقه القرآن الكريم على هذا الطور هو المصطلح الذي يعبر عن هذه المرحلة من حياة الحُمَيل تعبيراً دقيقاً يشمل المظهر الخارجي، وهو أهم تغيير في البناء الداخلي وما يصاحبه من علاقات جديدة بين أجزاء الجسم واستواء في مظهر الحُمَيل ويتميز بوضوح عن طور المضغة الذي قبله، قال تعالى: {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا} [المؤمنون: 14].
5- طور الكساء باللحم:
يتميز هذا الطور بانتشار العضلات حول العظام وإحاطتها بها كما يحيط الكساء بلابسه. وبتمام كساء العظام بالعضلات تبدأ الصورة الآدمية بالاعتدال، فترتبط أجزاء الجسم بعلاقات أكثر تناسقاً، وبعد تمام تكوين العضلات يمكن للجنين أن يبدأ بالتحرك.
تبدأ مرحلة كساء العظام باللحم في نهاية الأسبوع السابع وتستمر إلى نهاية الأسبوع الثامن، وتأتي عقب طور العظام كما بين ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} [المؤمنون: 14].
ويعتبر هذا الطور الذي ينتهي بنهاية الأسبوع الثامن نهاية مرحلة التخلق، كما اصطلح علماء الأجنة على اعتبار نهاية الأسبوع الثامن نهاية لمرحلة الحُمَيل (Embryo) ثم تأتي بعدها مرحلة الجنين (Foetus) التي توافق مرحلة النشأة، كما جاء في قوله تعالى: {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14].
ب- مرحلة النشأة خلقاً آخر:
النشأة مصدر مشتق من الفعل نشأ، وهذا الفعل له معنيان:
* الارتفاع بالشيء.
* ربا وشب ونما.
يبدأ هذا الطور بعد مرحلة الكساء باللحم، أي من الأسبوع التاسع، ويستغرق فترة زمنية يدل عليها استعمال حرف العطف (ثم) الذي يدل على فاصل زمني بين الكساء باللحم والنشأة خلقاً آخر، قال تعالى: {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 14].
وفي خلال هذه المرحلة تتم عدة عمليات هامة في نمو الجنين تندرج بجلاء تحت الوصفين الذين جاءا في القرآن الكريم ويمكن بيانهما في ما يلي:
1- النشأة:
ويتضح بجلاء في سرعة معدل النمو من الأسبوع التاسع مقارنة بما قبله من المراحل.
2- خلقاً آخر:
هذا الوصف يتزامن مع الأول ويدل على أن الحُمَيل قد تحول في مرحلة النشأة إلى خلق آخر.
* ففي الفترة ما بين الأسبوعين التاسع والثاني عشر تبدأ أحجام كل من الرأس والجسم والأطراف في التوازن والاعتدال.
* وفي الأسبوع الثاني عشر يتحدد جنس الجنين بظهور الأعضاء التناسلية الخارجية.
* وفي نفس الأسبوع يتطور بناء الهيكل العظمي من العظام الغضروفية اللينة إلى العظام الكلية الصلبة، كما تتمايز الأطراف، ويمكن رؤية الأظافر على الأصابع.
* يظهر الشعر على الجلد في هذا الطور.
* يزداد وزن الجنين بصورة ملحوظة.
* تتطور العضلات الإرادية وغير الإرادية.
* تبدأ الحركات الإرادية في هذا الطور.
تصبح الأعضاء والأجهزة مهيأة للقيام بوظائفها.
* وفي هذه المرحلة يتم نفخ الروح؛ طبقاً لما دلت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة ويمكن التعرف على نفخ الروح بمشاهدة ظاهرة النوم واليقظة في الجنين التي تدل نصوص قرآنية ونبوية عديدة على ارتباطها بالروح.
تمتد هذه المرحلة، مرحلة النشأة خلقاً آخر من الأسبوع التاسع إلى أن يدخل الجنين مرحلة القابلية للحياة خارج الرحم.
جـ: طور القابلية للحياة:
تبدأ تهيئة الجنين للحياة خارج الرحم في الأسبوع الثاني والعشرين وتنتهي في الأسبوع السادس والعشرين عندما يصبح الجهاز التنفسي مؤهلاً للقيام بوظائفه ويصبح الجهاز العصبي مؤهلاً لضبط حرارة جسم الجنين.
وتعادل الأسابيع الستة والعشرون تقريباً ستة أشهر قمرية، وقد قدّر القرآن الكريم أن مرحلة الحمل والحضانة تستغرق ثلاثين شهراً فقال تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] وبين أيضاً أن مدة الحضانة تستغرق عامين في قوله تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14].
وبذلك تكون مدة الحمل اللازمة ليصبح الجنين قابلاً للحياة هي ستة أشهر قمرية، وقبل الأسبوع الثاني والعشرين الذي يبدأ منه هذا الطور يخرج سقطاً في معظم الأجنة.
د- طور الحضانة الرحمية:
يدخل الجنين بعد الشهر السادس فترة حضانة تتم في الرحم، فلا تنشأ أجهزة أو أعضاء جديدة فكلها قد وجدت وأصبحت مؤهلة للعمل، ويقوم الرحم فيها بتوفير الغذاء والبيئة الملائمة لنمو الجنين وتستمر إلى طور المخاض والولادة.
هـ: طور المخاض:
بعد مرور تسعة أشهر قمرية يبدأ هذا الطور الذي ينتهي بالولادة، ويمثل هذا الطور مرحلة التخلي عن الجنين من قبل الرحم ودفعه خارج الجسم، قال تعالى: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} [عبس: 20].
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز أن المصطلحات الواردة في القرآن الكريم تعبِّر بدقة عن التطورات التي تقع في مختلف مراحل التخلق فهي تصف هذه الأحداث حسب تسلسلها الزمني كما تصف التغيرات التي تطرأ على هيئة الجنين مع التخلق في كل مرحلة وصفاً دقيقاً. وما كان في وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرف هذه الحقائق في القرن السابع الميلادي لأن معظمها لم يكتشف إلا في القرن العشرين، وهذا يشهد بأنها وحي من الله سبحانه وتعالى إلى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، فسبحان الله تعالى القائل: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا} [النمل: 93]. __________________ | |
| | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| | | | elsendrila عضو نشيط
عدد المساهمات : 701 تاريخ الميلاد : 01/01/1991 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 33 الموقع : قــــلـــ♥ــــبى
| | | | | الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |